هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

645: “يا ضيعان لبنان بهيك سياسيين”

الحلقة 645: “يا ضيعان لبنان بِـهيك سياسيين”
(الأربعاء 24 تشرين الأول 2007)

في صوت متهدِّجٍ راعش بين الحزن والغضب، بين اليأس والخيبة، بين القرف والثورة، قال المرجع القانوني الكبير الدكتور حسن الرفاعي (للزميلة “وردة” نهار الأحد في برنامجها “المجالس بالأمانات”) إنه لا يتوقَّع انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة القانونية الباقية في الأربعة الأسابيع المقبلة. وأعلن أكثر، وفي مرارة أكبر، قال: “يا ضيعان لبنان بسياسييه”، وقال أيضاً: “يا ضيعان هيك شعب بِمن يَحكمونه”.
فلْنتذكّر أن صاحب هذا الكلام كان الصوت الهادر الوحيد الذي رفض في الطائف الاتفاق الذي وقّع عليه نواب لبنان، وهو ما سمّوه يومها “الميثاق اللبناني الجديد” أو “اتفاق الطائف”. وكانت قولتُه الـ”لا” يومها صرخةً في واد، حتى تحقّق للجميع قوله لاحقاً حين لم يحترم السياسيون تواقيعهم في اتفاق الطائف، وخالفوه ولم يطبِّقوا بنوده، ما أوصل لبنان إلى ما هو عليه اليوم، فعادوا ليقولوا: “كان معه حق، حسن الرفاعي”.
وها هو اليوم يطلق صرخته من جديد، ويرى أنْ لا أملَ برئيسٍ جديدٍ قبل 24 تشرين الثاني، قياساً على التجاذُبات والتَشَنُّجات الدائرة بين أقطاب أصحاب القرار، وتَمَتْرُسِ كلٍّ منهم وراء مواقفه الجامدة العنيدة الفَجَّة، وسلسلة التشاتُمات البشعة التي استنفَدَت قواميس الشتائم والتُّهَم حتى الغلاف الأخير.
كان ذلك صباح الأحد الماضي (21 الجاري). يعني: قبل إطلالة الاجتماعات الثنائية المفاجئة بين الأقطاب أصحاب القرار، وما كرَّته هذه الحلقات من اجتماعات لاحقة، منذ مساء الأحد، بدأت تتجمّع سلسلة بيانات وتصريحات تبرِّد من حَمأة التشنُّج وتُخَفِّف من رعب الناس وخوفهم وقلقهم على المصير.
نريد أن نكون متفائلين، خوفاً على مصير لبنان، وقلقاً على ألاّ يصدق تشاؤُم كبيرنا حسن الرفاعي، الذي نأمل أن تكون قَولتُهُ للزميلة “وردة” نهار الأحد من “المجالس بالأمانات في صوت لبنان” صرخةً دوَّت في ضمير السياسيين ذوي الصلة، فلا تكون صرخةً أخرى في وادي هذا المجهول المرعب الذي يتقدَّم إليه لبنان كلّما اقترب الرابع والعشرون من تشرين الثاني، بعد شهر تماماً من اليوم، ولا يكون رئيس جديد للبنان، وسْط تهويلات السياسيين من هنا وهناك وهنالك أن يغرق لبنان في الفراغ، ولكلٍّ منهم (هؤلاء السياسيين) سيناريو أقبحُ من الآخر لِسَدِّ هذا الفراغ على قياس مصالحه وارتباطاته المحلية والإقليمية والدولية.
يا صرختَك الراعدة، يا كبيرنا حسن الرفاعي، توعّي ضمائر سياسيين ضالعين في تشنُّجاتهم، لعلّ صرختَكَ صفعةُ أن يتداركوا فراغاً كبيراً سيغرقون فيه جميعاً إلى قاع خطر بلا قرار.
فاسمح لنا، يا كبيرنا حسن الرفاعي، أن نتمنى ألاّ يصحَّ تشاؤُمك، وإن كنا نؤمن معك، نؤمن معك كثيراً، بأنْ “يا ضيعان لبنان بِـهيك سياسيين”.