هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

628: … ومن فوّضكم بتمثيل طوائفكم؟؟

الحلقة 628: … ومن فوّضكم بتمثيل طوائفكم؟؟
(الأحد 26 آب 2007)

بعدما تزايدت المزايدات الزائدة والمستزادة والازديادية بين أصحاب الشأن في السياسة اللبنانية، وجميعُهم، من غير شر، يعملون على مصلحة لبنان العليا، ومستقبل لبنان الجديد، وخير هذا الوطن ورفعة أبنائه،
وبعدما بلغ شَدُّ الحبال وشَدُّ الشَّعر وشَدُّ الأذرع بين السياسيين حول مَن يمثل مَن، ومَن يملك أكثريةَ مَن، ومَن يحقُّ له التكلُّمُ باسم مَن، يصرخ المواطن اللبناني العادي: “ماذا تفعلون بالوطن أيها السياسيون”؟
بعدما أخذ الحلاش يتزايد على المنابر، ووراء ميكروفونات الإذاعات، وأمام كاميرات التلفزيونات، بين هذا وذاك، أو بين ذلك وذيالك من السياسيين، حول من يُمثِّل طائفته أكثر، ومن يملك أكثرية أبناء طائفته أكثر، ومن يحق له التكلم باسم طائفته أكثر، يصرخ المواطن اللبناني العادي: “… ومن فوّضكم بتمثيل طائفتي؟ ومن قال إنكم تختزلون طائفتي؟ ومن جعلكم أوصياء عليَّ في طائفتي؟ وإذا كانت منطقتكم الانتخابية أوصلتكم إلى ساحة النجمة، فمن قال لكم إنكم صرتم تمثلون طائفتي في كل لبنان، أو في لبنان والمهاجر اللبنانية التي شرَّدتم إليها أبناءنا من كل لبنان إلى كل مَهَاجر الدُّنيا”؟
بعدما بلغت المزايداتُ حدّ القرف، والصيحاتُ حدّ العيب، والمناتشاتُ والمناوشاتُ حدّ العار في القاموس السياسي والاجتماعي والمدني، يصرخ المواطن اللبناني العادي: “ومن تُحاولون أن تُقنعوا بهذا الكلام؟ إن كنتم تتوجَّهون إلينا فنحن لم نعد مقتنعين بطروحاتكم التي تُغرق بلدنا أكثر فأكثر في الرمال المتحركة. وإن كنتم تتوجهون إلى بعضكم البعض، فقولوا هذا الكلام التشاتُمي التصعيدي التوتيري بين بعضكم البعض، ولا تُخرجوه إلى الإعلام الذي ينقل غسيلكم الوسخ إلى جميع أقطار الدنيا حتى صار لبنان نموذجَ السياسيين المتشاتِمين الذين يشدُّون بجسم الوطن حتى يكادوا يفسخونه شلعتين أو أكثر، ولن يعودَ أحدٌ منكم يملك منه سوى شلعةٍ من وطن لا تُفيده، ولن يعودَ أيُّ علاجٍ يفيدُ في إعادة وطنكم إلى كيانه كوطن”.
بعدما بلغ باللبنانيين الرفضُ والغضبُ والقرفُ إلى حدٍّ باتوا معه يُقلعون عن متابعة نشرات الأخبار وقراءة الصحف ومشاهدة الـ”توك شُو”ات السياسية، كي لا يشاهدوا الوجوه نفسَها تتكرَّر، وكي لا يسمعوا الكلام التشاتُمي نفسَه يتكرَّر، وكي لا ينقهروا بالتصاريح والتصاريح المضادّة، والردودِ والردودِ المضادة والردودِ على الردود، وبياناتِ هذا المكتب الإعلامي وردودِ مكتبٍ إعلامي آخر على ذاك المكتب الإعلامي، يصرخ المواطن اللبناني العادي: “السفينة تغرق بنا… تغرَق بنا جميعاً، وأنتم تتناتشون المقود في مقصورة القيادة”.
أمام هذا السقوط المريع في الخطاب السياسي اللبناني، وتهافُت مندوبي الدول الكبرى إلى بيروت لا لإنقاذ لبنان بل لتمرير مصالح هذه الدول عبر سياسيي لبنان، يصرخ المواطن اللبناني العادي: “حين أقلعت التايتانيك في رحلتها الأُولى سنة 1912، قيل عنها، لجمالها وهيبتها ومتانتها، إنها “لا تُحرَق ولا تَغرَق”، وها هي بعد أميالٍ من إقلاعها اصطدمت بجبل الجليد وانشقَّت وغرقَت هي وجمالُها وهيبتُها ومتانتُها.
ويكمل المواطن اللبناني العادي صرخته: “أيها السياسيون اللبنانيون، إن لبنان اليوم، بسببِكم، بات قريباً جداً من أن يصطدم بِجبل الجليد”.