هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

611: اقتطاع زهيد لشهر زهيد يتيم

الحلقة 611: اقتطاع زهيد لشهر زهيد يتيم
(الأربعاء 27 حزيران 2007)

تَملأُ الشوارعَ في العاصمة وعددٍ كبير من المدن اللبنانية لافتاتٌ كبيرة تدعم الجيش بعباراتٍ معنوية عالية الحماسة تشير إلى أن الشعب اللبناني داعمٌ جيشَه في ما هو إليه منذ أَسابيع، وهو ما يحتاجه الجيش، قبل أيِّ دعم آخر، كي يشعر أنه يدافع عن الوطن ولكنْ كذلك عن كل مواطن من الوطن.
غير أنّ هذا الدعم المعنوي ظلّ معنوياً، حتى صدر قرارٌ قرأناه أمس الثلثاء في الصحف عن اقتطاع 5% من رواتب الموظفين في القطاع العام، و10% من رواتب الوزراء لشهر واحد – ويوضح القرار: “لشهر واحد فقط” – دعماً للجيش.
وما صدر هذا القرار الوزاري، حتى صدر قرار آخَر عن رئيس مجلس النواب يقضي باقتطاع 7% من رواتب موظّفي مجلس النواب، و10% من مُخصَّصات النواب – لشهر واحد طبعاً فقط لا غير – دعماً للجيش اللبناني.
لا نعرف بالضبط ماذا يعني رقمياً هذا “الدعم الخجول”، وكم تجمع هذه الخمسة والعشرة والسبعة والخمسة عشر بالمئة من مبلغ لدعم تموين الجيش بالعتاد، كما لا نعرف إذا كان الوزراء المقاطعون أو المستقيلون سيرضون بهذا الاقتطاع من رواتبهم، كما لا نعرف مَن مِن النواب، وفيهم معارضون وموالون وبين بين، سيرضى بهذا الاقتطاع من مخصصاته، وكذلك، وأيضاً وأيضاً، لم يتّضح لنا إن كان الاقتطاع النيابي هو من “مُخصصات” النواب (يعني من مال الشعب المخصص لهم كل شهر لصرفه على تنمية مناطقهم) أم هو يعني رواتبهم الشهرية (وهي طبعاً كذلك من مال الشعب اللبناني).
لكننا نعرف أن القرار تأخَّر، خاصة القرار النيابي الذي انتظر بادرة رئيس المجلس عوض أن يبادر النواب، موالوهم والمعارضون معاً، 14 آذارهم و8 آذارهم معاً، إلى تقديم شهر كامل (لا 15% من مخصصات شهر) أو ربما أكثر من شهر، دعماً رمزياً لجيش لبنان، وليكن هذا الشهر من تلك السبعة الأشهر الماضية التي لا يزال فيها مجلس النواب مقفلاً والنوابُ عاطلين عن العمل، إلاّ عن تصاريح وتصاريح مضادة و”توك شو”ات تلفزيونية لا تشمل سوى عدد قليل نسبياً من النواب، بينما النواب الباقون يقبضون رواتبهم آخر الشهر ولا ينسمع لهم صوت ولا يدلون ولو بتصريحِ رفع عتب إلى جريدة أو منبر.
أمور كثيرةٌ لا نعرفها في هذه الظاهرة، وأمور كثيرة نعرفها. لكنّ ما نحن متأكدون منه، أن البادرة ستلاقي ترحيباً لدى الموظف اللبناني الذي (رغم ما ترهقه الضرائب على مدخوله من مال عياله، ورغم معاشاته الضئيلة نسبياً أمام ثروات حضرة الوزراء والنواب الأشاوس) سيقتطع من راتبه الضئيل 5% بكل طيبة خاطر دعماً لجيش يدافع عنه، وعن عياله، وعن بيته، وعن وطنه، و… طبعاً طبعاً يدافع كذلك عن حضرة وزراء ونواب لم يطلع من خاطرهم إلاّ 10% و15% من مُخصصات هي أصلاً من مال الشعب، و… يسارع القرار فوراً إلى تأكيد أنّ هذا الاقتطاع الزهيد ليس سوى… لشهر يتيم واحد فقط.