هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

606: إرفعوا التزاماتكم السياسية عن جيش لبنان

الحلقة 606 : إرفعوا التزاماتكم السياسية عن جيش لبنان
(الأحد 10 حزيران 2007)

ظلَّ سنواتٍ طويلةً أيام الحرب منذ 1975 مَحروماً من الحضور على الساحة كما يَجمُلُ بِحضوره أن يكون.
وظلَّ سنواتٍ مَمنوعاً عليه أن يتوجَّه إلى الجنوب بِحجج واهية كانت تنتقص أحياناً من هيبته وكرامته.
وظل مُحرَّماً عليه أن يُثبت وجوده وحضوره وفعاليته وحزمه وحسمه وجزمه، بِحجة أنه “إن تدخّل ينقسم”، حتى أخذ الناس يتداولون بسؤال كان شبه طبيعي أيامها: “وين الجيش؟ شو عميعمل الجيش؟ ليش ما بيحامي عنا الجيش؟ ليش الساحه للميليشيات مش للجيش”؟
وكنا نغني للجيش، ونكتب شعراً للجيش، ونشاركُه عيدَه، ونشاهد عرضه العسكري نهار الاستقلال، وننتظر رفع الحرمان عنه وإطلاق سراحه في الميدان، أُسوةً بكل جيش يَحمي شعبه ووطنه، وكي تتحقَّق (فعلاً لا قولاً) مقولةٌ كنا نردِّدها أن “الجيش سياج الوطن”، ونكتبها، ونعلّمها لأولادنا، ونعطيها فرضاً لتلامذتنا، وننتظر رفع الحرمان عن جيشنا الحبيب.
وكلُّ حرمانه هذا، كان بسبب غياب القرار السياسي الذي يقول له:”كُرَّ يا جيش لبنان، وأنت حر”.
سنواتٍ طويلةً بقينا منتظرين، إلى أن حضر القرار أخيراً، قبل ثلاثة أَسابيع، وأُطلقت يد الجيش كي تردَّ البطش بطشين، والهجومَ هجومين، والاعتداء على أمن لبنان حصاراً يقتلع ويستأصل ويلقِّن كل معتدٍ على لبنان أنَّ جيش لبنان واحدٌ أَوحَد موحَّد، وهو من يردُّ العدوان والاعتداء، وهو مَن يلقِّن المخربين درساً أقسى مِمّا كان يتوقَّعه المخربون، وأقوى مِمّا كان يتوقّعه المراقبون، وأفعلَ مِمّا كان يتوقَّعه المواطنون، بعدما كان اللبنانيون يظنُّون أنّ جيشهم غير قادر على الحزم والحسم، حتى تبيَّن لهم أنّ جيشنا، بلى، حاسمٌ وحازمٌ وبقوةٍ وبعنفٍ وبِـرَدِّ الصاع ألفَ صاع، حين يُطلَقُ له القرار أن يردَّ بالأسلحة المناسبة، وفي الظروف المناسبة، وفي الوقت المناسب، وبالقرار المناسب غيرِ المرتبطِ بقرارٍ سياسيٍّ من هنا، أو ترَدُّدِ سياسيٍّ من هناك، أو التزاماتِ سياسيينَ من هنالك بارتباطاتٍ تربطهم هنا أو هناك أو هنالك وتعيقهم عن أن يكونوا أصحاب القرار اللبناني فيسلّموا القرار إلى جيش لبنان.
أما اليوم، وبعدما أثبتَ جيش لبنان للعالَم أنه القوة الضاربة بِحزمٍ وحسم، وبعدما القوى الأمنية اللبنانية، من أمن داخلي، وأمن عام، وأمن دولة، ومُخابرات لبنانية، أثبتَت أنها قادرة على التخطيط والتنفيذ والملاحقة والمراقبة والمداهمة والمباغتة والتوقيف والسهر الدؤوب الواعي على كل خطر، فعلى جميع “بيت بو سياسة” أن يَفهموا ويَعوا ويتَّعظوا بأنهم كانوا، منذ ثلاثين سنة حتى اليوم، سببَ علةٍ قاتلةٍ في خاصرة لبنان وقلب لبنان وأجيال لبنان، ولْينكفئوا إلى جحورهم، وليهتمُّوا بِخُطَطهم وتركيباتهم وطبخاتهم السياسية والمصلحجية والانتخابية، ولْيتْركوا الأمن والأمان لقيادة جيش لبنان وقوى لبنان الأمنية: إنها هي الحصن المنيع، وهي الذراع الأمينة، وأنها فعلاً سياج لبنان، بعدما سياسيو لبنان خلعوا عن لبنان كل سياج وجعلوه ساحةً للسوى، وشرّعُوه مشلَّعاً بين القوى، معرّضاً لكل ريح، وتركُوه سائباً لجميع فصائل الغيلان لأنهم، بالتزاماتهم السياسية، تركوه… بلا سياج.