هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

604: هؤلاء هم السبب في هجرة أولادنا

الحلقة 604: هؤلاء هم السبب في هجرة أولادنا
(الأحد 3 حزيران 2007)

بعد حلقة الأربعاء هذا الأسبوع، أخذ البعضُ عليَّ إضاءتي على النّزف الشبابي الذي يعاني منه لبنان بفراغه أو إفراغه أو تفريغه من شرايينه الشابة. لكنّ إضاءتي تلك كانت للإشارة إلى الوجع كي نتنبّه إلى معالجته واستدراك ما يتبقّى، والأهم: للبحث في سبب إقدام شبابنا على هجرة تكاد تكون هجرةً جَماعية بل نُزُوحاً جماعياً من لبنان إلى أية أرضٍ أُخرى تستقبلهم وتؤَمّن لهم رغيفَ أمانٍ وسقفَ مستقبل وفرصة عمل.
أُكرِّر ما سبق لي ذكرُه في هذا البرنامج: مَن هاجروا ويهاجرون من شبابنا، لم يفعلوا هجراناً من لبنانَ الوطن بل من لبنانَ الدولة. وحيثما حلُّوا، لم يقصدوا وطناً هناك بل دولةً حازمةً يطمئنّون إلى ما تقدِّمه من أمن وأمان وضمان، أكثر من اطمئنانهم إلى وطن هناك أرضاً وشعباً وتاريخاً وعادات. ومعظمهم ساكنٌ “هناك” ولا يزال يَحِنُّ إلى الـ”هُنا” وكلِّ مَن وما هُنا، مؤكِّداً أنْ لا بديلَ عن “هُنا” الوطن لا “هُنا” الدولة. وأكثر: منهم مَن يُقسِمون أنْ حين يعودُ لبنان إلى لبنان، سيكونون أول من يعودون إلى هنا، تاركين الـ”هُناك”، ومَن وما هناك.
إذاً هم هجروا دولةَ لبنان ولم يهجروا لبنان الوطن. يعني؟؟ الحق على الدولة؟ دائماً الحق على الدولة؟ وهل الدولة مكسر عصا؟ لا. أبداً. الدولة، أياً تكُن ومهما تكُن، أُمُّنا جميعاً. الحقُّ إذاً على الذين، منذ نصف قرن، حكَموا مزرعةً ولم يَبنوا دولة. والأخطر منهم: الذين اليوم يعرقلون قيام الدولة، ويُعيقون من يَسعَون إلى بناء دولة.
هؤلاء المعيقون هم السبب في غياب الدولة، وتالياً هم السبب في هجرة أولادنا إلى كل هناك. المعيقون المخربون المستزلمون للخارج، المستسلمون لأوامر أسيادهم ومعلّميهم وموارد رزقهم في الخارج، ينفِّذون أوامر الخارج ولو كانت ضد لبنان ومصلحة لبنان وشعب لبنان. المعيقون اليوضاسيون الملجميون، هم السبب في جعل لبنان الدولة غابة مشرَّعة على جميع الأخطار والعواصف والمشاكل الداهمة والدائمة.
هؤلاء هم السبب. لذا، بعد هذه العاصفة المجنونة التي تضرب لبنان اليوم، فلنَصْحُ على العلّة، على السبب، على المسبِّبين، على المستزلمين المنباعين المعيقين قيام الدولة. ولنمنعْهُم من الوصول إلى مفاصل الدولة، فلا يصل إلاّ المتجرِّدون رجالُ الدولة البُناةُ، لا رجالُ المصالح السياسية الشخصية الانتخابية.
أولئك (رجال الدولة البناة) نعمل لهم. وهؤلاء (رجال المصالح السياسية) نعمل على تلقينهم أقسى الدروس وأَمَرِّها.
وأقسى هذه القسوة: رميُ أسمائهم في سلة النّفايات عوض وضعِها في صندوقة الاقتراع عند أول انتخابات مقبلة.