هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

597: لقاء الاثنين لو يتعمّم على كل لبنان

الحلقة 597: لقاء الاثنين لو يتعمَّم على كل لبنان
(الأربعاء 9 أيار 2007)

كنت حتى وقت متأخر، حين أسمع بـ”لقاء الاثنين”، أظنُّه لقاءً دورياً نهار الاثنين من كل أسبوع، حتى انكشف لي مؤخراً أنّ الظاهرة أهمُّ من ذلك بكثير، وأن “الاثنين” هنا ليس لقاءَ اليوم أو النهار بل هو لقاء “طرفين” في الوطن، تنظّمه شلّة مباركة وطنية رائعةُ الهدف والنشاط، تجمع فريقين من لبنان بعضَهما إلى البعض الآخر، في سبيل عروة وثقى بين أبناء الوطن.
وبلغني أن التجربة بدأت بين تلامذة من مدرسة عينطورة في كسروان وتلامذة من المقاصد في بيروت، فكان جَمْع بين فريقين من كلّ مدرسة، قام الأول بزيارة الآخر وتعرّف تلامذة الأولى إلى تلامذة الأُخرى فتغدّوا معاً وتعارفوا وتبادلوا العناوين وأرقام الهواتف، حتى إذا كانت الزيارة التالية قام بها فريق المدرسة الأخرى إلى فريق المدرسة الأولى، لم يكن تعارف بل لقاءُ مَعارف وتوثيقُ صلات، وتمتين صداقة، وانفتاح لبنانيين على لبنانيين.
وبلغني أيضاً أن أهل التلامذة، في زيارات لاحقة، جاؤوا مع أولادهم من منطقة إلى منطقة، فتوسَّعت دائرة التعارُف بين الأهل والأهل، وبات لهؤلاء أصدقاء في منطقة أخرى من لبنان، مع ما استتبع ذلك من تبادل عناوين وأرقام هواتف بين الأهل أعقبتها اتصالاتٌ وربما زيارات فردية لاحقة، ما جعلَ أبناء الوطن يتعارفون ويتقاربون ويتقرّبون.
كم رائعة هذه الخطوة من شباب لبنانيين أسسوا “لقاء الاثنين” من أجل جمع لبنان إلى لبنان واللبنانيين إلى اللبنانيين، فلا يظلُّ أهل هذه المنطقة يتحدّثون عن مجهولين هناك في المنطقة الأخرى، بل يصبح لهم أصدقاءُ في المنطقة الأُخرى، والأصدقاءُ يتعارفون ويتبادلون الزيارات فيتلاقى الوطن بالوطن ويتصالح كل لبنان مع كل لبنان، فتنكسرُ قشرةُ جليدٍ مصطنعةٌ خلقتْها الاصطفافات السياسية من أجل مصالح سياسيين من صالحهم أن يظل اللبناني متخاصماً مع اللبناني الآخر كي يظلُّوا هم متربعين فوق كراسيهم السياسية القائمة أصلاً على منطق العشائرية والإقطاع السياسي.
لا. أبداً. اللبنانيون ليسوا متخاصمين ولا متقاتلين ولا متباعدين. والمخْلصون منهم يريدون أن يَحل عنهم السياسيون كي يعيشوا مواطنين هانئين في وطن هانئ متصالح.
ظاهرة “لقاء الاثنين” المباركة، فلتتعمَّم على كل لبنان، وليصبح لقاءَ الثلاثة والأربعة والعشرة والعشرين، وليأتِ تلميذ مرجعيون إلى عكار، وتلميذ جونيه إلى بعلبك، وتلميذ طرابلس إلى بعقلين، وتلميذ الدامور إلى راشيا، وتلميذ عاليه إلى القبيات، وتلميذ جبيل إلى صيدا، وتلميذُ أية منطقة من لبنان إلى تلميذ آخر في منطقة أخرى من لبنان، وليتعارفوا وليتصادقوا وليكبَروا في هذه الوَحدة اللبنانية على كل شبر من أرض لبنان، كي يصبح التلميذ في بلدته صديقاً لتلاميذ لا من بلدته وحسب ولا من منطقته وحسب، بل من مناطقَ أخرى وبلدات أخرى من كل لبنان، وليتهاتفوا وليتكاتبوا وليتبادلوا الزيارات، حتى يصبحَ كل لبنان صديقاً لكل لبنان فتنكسرَ قشرة الغيتو الطائفي والمذهبي والمناطقي والسياسي، وبهذا يتَّحد لبنان قوةً شعبيةً واحدةً لا يُمكن أن يَخترقَها… تشرذُمُ السياسيين.