هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

596: كي لا يظلّوا أُمّيِّين بلبنان

الحلقة 596: كي لا يظلُّوا أُمّـيِّـيـن بلبنان
(الأحد 6 أيار 2007)

من خلال زياراتي الدورية إلى المدارس والجامعات، مُحاضراً أو منتدياً أو للقاءات في الصفوف، مُتحدِّثاً عن لبنان وواحاته الحضارية والتاريخية الفريدة، أَكتشفُ كم تلامذتُنا الثانويُّون وطلابنا الجامعيُّون بعيدون عن وعيِهم لبنان.
وكنتُ في حلقة سابقة رويتُ كيف نسيبٌ لي في الولايات المتحدة الأميركية تقدمَت ابنتُه للحصول على الجنسية الأميركية، ومع أنها متمِّمةٌ جميعَ المستندات المطلوبة، لم تستطع الحصول على الجنسية لأنها رسبت في الامتحان الشفوي عن تاريخ أميركا، وحجة الفاحص قوله لها: “لا نريد مواطنين أميركيين جدداً لا يعرفون تاريخ البلاد التي تَمنحهم شرف جنسيتها”.
وإذا كانت بلادٌ تُجنّس ترفض متجنّسين لا يعرفون تاريخها فماذا عن أبناء لبنان الأصليين حين لا يعرفون لبنان؟
في حلقات سابقة من هذا البرنامج، أكّدتُ مراراً على ضرورة قيام الشبيبة اللبنانية برحلات سياحية داخلية كي يتعرف كل لبنان إلى كل لبنان. وكلما أزور مدرسةً أُشدِّد على المسؤولين فيها أن يأخذوا تلامذتهم إلى المناطق السياحية والتاريخية والأثرية في لبنان كي يتعرفوا إلى لبنان فيعرفوه ويُحبُّوه، فكيف نطلب من أبنائنا أن يُحبوا وطنهم حين لا نعطيهم أية فكرة عن وطنهم، وحين يقرأُون عنه لُماماً في كتبهم كما يقرأُون عن أية بلاد أخرى يدرسون عنها؟
لا نطلُبَنَّ من أولادنا أن يُحبُّوا ما لا يعرفونه، والأجدى بنا نَحن أن نُعَرّفهم على ما نريدهم أن يُحبوه. واليوم، مع قرب انتهاء العام الدراسي وتعذُّر تنظيم رحلات كافية للتلامذة إلى سياحة داخلية في واحات لبنان، على الأقلّ فليعمل المسؤولون في المدارس على دعوة محاضرين إلى صفوف التلامذة، اختصاصيين في تاريخ لبنان وآثاره وجغرافياه وسياحته ودوره الحضاري، كي يطّلع أبناؤُنا على حقيقة وطنهم، خصوصاً حين يرفدُ كلامَ المُحاضر بثُّ صوَرٍ أو أفلام قصيرة سياحية أو وثائقية عن لبنان، أولاً كي ينكشف لهم غنى لبنان الحضاريُّ والطبيعي، وثانياً كي يكبَر لديهم فضولُ أن يزوروا هذه الواحات الرائعة في لبنان، سواءٌ زاروها في رحلة مدرسية، أو طلبوا من أهاليهم أن يزوّروهم إياها خلال هذا الصيف الآتي، وقد يكون أهلهم كذلك لا يعرفون هذه الواحات.
وحده اكتشاف لبنان يقرّب لبنان من أبنائه حتى لا يظلُّوا متقوقعين في بيوتهم وأحيائهم وبلداتهم، ينحصر اكتشافُهم لبنان في متابعة أخبار التلفزيونات السامة، وبرامج الـ”توك شو” السياسية القاتلة، وحتى لا يتخرَّج تلامذتُنا وطلابُنا عباقرةً في العلوم والرياضيات والإلكترونيات، ولكنهم… أُمِّـيُّـون بلبنان.