هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

582: السياسة في المدارس مسؤولية الأهل والإدارة

الحلقة 582: السياسة في المدارس مسؤوليةُ الأهل والإدارة
(الأربعاء 14 آذار 2007)

بعد حلقة الأحد الماضي عن جرثومة السياسة في المدارس الثانوية وتسمُّم التلامذة بالاصطفاف السياسي وما ينجُم عنه من أخطار صدامات بين الأولاد في الصفوف والملاعب، جاءتني بالبريد الإلكتروني رسالة من صديقة في باريس سمعَت الحلقة من “صوت لبنان” عبر خدمة “ألو بيروت” فكتبَت إليّ تلفتني إلى عدم الإنحاء باللائمة على التلامذة لأنهم في هذه السن إسفنجة تغُبُّ كلَّ ما تصادفه وتنضح به من غير أن تمضغه، واقترحَت أن يكون التوجُّه لا إلى التلامذة بل إلى الأهل والإدارة، لمعالجة هذا الأمر وتدارُك الأخطار الناجمة عن تعاطي التلامذة الصغار واليافعين في الشأن السياسي ببغاوياً واعتباطياً.
وهي على حقٍّ هذه الصديقة المتابِعة. ففي كل مدرسة ثانوية لجنة أهل تنسّق مع الإدارة في شؤون التلامذة. فليجتمعْ دورياً في كل مدرسة أعضاءُ لجنة الأهل مع مسؤولين في إدارة المدرسة، ولينسِّقوا معاً قبل أن يصاب أولادنا بسرطان السياسة المغلوطة ويكبَروا على جرثومة في صدرهم تتفاعل معهم وتؤذيهم في ما بعد فيتّسع الأذى إلى الجيل المقبل في كل الوطن.
فليتّفق الأهل مع المدرسة أن تمنع الإدارة بحزمٍ على كل مُدرّس ومسؤول وتلميذ أيَّ كلام في السياسة وأيَّ تداوُلٍ برمزٍ أو بشعار سياسي في الصف أو في الملعب، تحت طائلة الطرد الفوري. ولكن، قبل ذلك، على الأهل أن يُبعدوا أولادهم في هذه السن اليافعة عن كل حديث في السياسة، وأن يمنعوهم من متابعة البرامج السياسية ونشرات الأخبار وتصاريح السياسيين كي لا يتسمَّم الأولاد باتخاذ مواقف اعتباطية مغلوطة يبنون عليها ليناقشوا أترابهم بها ويتسبَّبُوا باصطفافات عشوائية تودي بهم إلى خناقات تُبعدهم عن التحصيل العلمي الذي يجب أن يكون هو هَمَّ التلامذة في المدرسة، وهَمّ إدارة المدرسة. ولكنْ قبل المدرسة فليكُن هَمُّ الأهل إبعادَ أبنائهم عن كل جوِّ غير علمي، ومنعَ أولادهم من المشاركة في أي تنظيم سياسي أو تيار سياسي أو اتجاه سياسي، وأن يركزوا على كتبهم فقط، وفروضهم فقط، والأنشطة المدرسية فقط دون سواها.
وحده تنظيفُ البيئة المدرسية والبيتية من الانغماس السياسي يُنقِذُ جيلاً كاملاً في لبنان من مشروع فتنة مؤجلة ينام جمرها تحت الرماد إذا استمر هذا الجو المسيَّس في البيت والمدرسة.
أعرف أن هذا الكلام لا يرضي سياسيين تَلزمُهم أدواتٌ للبقاء على كراسي زعاماتهم، وتالياً هم في حاجةٍ إلى أعداد، إلى رؤوس، إلى قطعان وخاصة إلى تلامذة أبرياء يسوّقون لهم مبادئهم وشعاراتهم ويافطاتهم السياسية. وإلا ماذا يبقى منهم إذا أشاح عنهم الناس. ولكن، بين أن أُرضي رجالَ السياسة أو أجيالَنا الجديدة، أفضّل أن أتوجّه إلى أجيالنا الجديدة أوعِّيهم على الفرق بين رجل سياسة يعمل للانتخابات المقبلة، ورجُل دولة يعمل للأجيال المقبلة، وأترك بعدها أبناءنا يختارون من يؤيّدون.