هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

555: ماذا لو هجر كلّ الشعب كلّ السياسيين؟

الحلقة 555 : ماذا لو هجر كلُّ الشعب كلَّ السياسيين؟
(الأحد 10 كانون الأول 2006)

ماذا لو أفاق السياسيون ذات يوم (السياسيون اللبنانيون من أية جهة وأيِّ موقع) ووجدوا أزلامهم تفرّقوا عنهم جميعاً، ولم يعُد لديهم أزلامٌ ومحاسيب يهددون بهم للنّزول إلى الشارع، أو لتسكير الساحات، أو لتكسير الصوَر والواجهات، أو لرفع الشعارات واليافطات، أو لإطلاق الصيحات والتعييشات والتهييصات، ولم يعد لدى السياسين متاريس بشرية ينفذون بها غاياتهم السياسية؟
ماذا لو أفاق السياسيون عندنا ذات يوم، ووجدوا أنّ كاميرات التلفزيون اختفت من الساحات ومن بيوتهم ومراكزهم ومؤتمراتهم الصحافية، وميكروفونات الإذاعات اختفت من أمام أفواههم، وقررت الإذاعات عدمَ دعوتهم إلى برامج الـ”توك شو” أو استصراحَهم الثمين في نشرات الإخبار؟
ماذا لو أفاق السياسيون ذات يوم ووجدوا الصحافة قررت حجب أخبارهم، والاستعاضةَ عنها بأخبار ملكات الجمال وآخر الاختراعات ونتائج المباريات الرياضية وأخبار البلدان الشقيقة والصديقة والقريبة والبعيدة وأخبار السياسيين في أميركا وأوروبا والزمبابواي وكاتانغا والدول العربية، ولا تنشر صورة واحدة ولا خبراً واحداً لسياسي لبناني؟
ماذا لو أفاق السياسيون ذات يوم، ووجدوا الناس أشاحوا عنهم، ولم يعودوا يريدون أن يشاهدوهم على شاشات التلفزيون، ولا أن يسمعوهم من الإذاعات، ولا أن يقرأوا تصاريحهم وأخبارهم في الصحافة، وقرر الناس التوقف عن تعليق صور السياسيين في ساحات الوطن وعلى أشجار العفص والكينا وعلى حيطان البيوت والكاراجات؟
ماذا لو؟
والله لو حدث هذا، أو بعضُه، أو ما يُشبَّه به، ولو لأسبوع، ولو ليوم واحد، لَما وجد سياسيو لبنان سبيلاً إلا اجتماعَهم معاً على الحدث الجلل، وجلوسَهم معاً، واتفاقَهم معاً على الخروج من لقائهم بصوت واحد وخطاب سياسي واحد، هو الاعتذار من الشعب اللبناني، ومن لبنان الوطن في لبنان وعالم الانتشار اللبناني في العالم، ومعاهدة الناس أن يكون الناس هم الصوت، والسياسيون هم الصدى، وأن يكون السياسي في خدمة الناس عوض أن يكون الناس غنماً في قطيع السياسي، ولكان لبنان يخرج من هذا النفق، المسدود بالعناد السياسي والكباش السياسي، ولكان يطل على لبنان فجر جديد يؤذّن ببناء دولة لا مزرعة، ووطن لا غابة، فيرجع إليه أبناؤه الذين هاجروا منه قرفاً ويأساً، يتسابقون على الهبوط في المطار، لدخول أرضه وتقبيل ترابه، وهم يضرعون: “الحمدلله، رب العالمين، صار عندنا وطن نعتز به اسمه لبنان”.