هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

528: لأننا وحدنا الكلمة والموقف

الحلقة 528: لأننا وحَّدنا الكلمة والموقف
(الأربعاء 30 آب 2006)

لا بُدَّ أن يكون الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان غادر لبنان وهو مرتاحٌ إلى كلمةٍ واحدةٍ سمعَها في لبنان، وموقف واحد طالعه في جميع زياراته إلى المسؤولين، ومناخٍ واحدٍ في النظرة اللبنانية إلى مُجريات الأُمور والمرحلة المقبلة.
هذا الأمر، وهو لم يكن كذلك غالباً من قبل، جعل الكثيرين من رؤساء الدول وكبار المسؤولين في العالم ينظرون في السابق إلينا نِظرةً غير إيجابية، لكوننا شراذمَ في سلطة، لا مسؤولين في وطن واحد موحّد ودولةٍ متماسكةِ ذات قرار.
ذلك أنْ كان بيننا، في السابق، مرتهَنون للخارج، تابعون للخارج، يوضاسيون للخارج بأقنعةٍ وطنية، ضيَّفوا حالهم للخارج أو أجَّروا حالهم للخارج، فبات حالُهم مع الخارج، حتى إذا ملَّهم هذا الخارج أو مَجّهم وقذفهم بعيداً عنه أو مهمَّشين منه، عادوا إلى حالهم فلا وجدوا لحالهم مكاناً في وطنهم ولا عاد لهم مكان في الجهة الخارجية التي استأجرتهم واستعملتهم واستخدمتهم ثم أهملتهم.
وما دمنا وحّدنا كلمتنا للخارج أمام كوفي أنان والعالم من خلاله أو عبره أو منذ اليوم، فيا ليت مسؤولينا يواصلون هذه الرؤية الواحدة إلى الهدف الواحد للوطن الواحد لبناء الدولة الواحدة، دولةٍ تقوم على الانسجام وتوحيد الرأي والنظرة مع حق الاختلاف واحترام الرأي الآخر، إنما من دون اصطفافات تتطلّع إلى الخارج أو تأخذ إملاءاتها من الخارج، وكذلك من دون الوقوع في الشخصانية والفردانية والوحدانية، الثالوث القاتل الذي في الماضي كان يشعّب الرأي الرسمي في لبنان بين دويكا وترويكا، وفصائل من هنا وانتماءات من هناك وولاءات من هنالك، حتى خشي اللبنانيون ذات فترة أن يكفَّ العالم عن احترام سياسيينا، كأننا فصائل سلطة حاكمة لا نسيجُ دولة واحدة موحدة الرأي والقرار.
بهذه الكلمة الواحدة الموحدة، نُثْبِتُ جدارتَنا ببناء دولة لأولادنا وأحفادنا، دولةٍ ليس فيها زبائنياتٌ لأحد بل ولاءاتٌ للدولة، وليس فيها مقاطعاتٌ ولا كنتوناتٌ ولا كوتاتٌ لأحد بل كلُّ شبر فيها ينتمي إلى الدولة الأُم، وليس فيها انتماءاتٌ تفترض فواتيرَ لأحد في الخارج بل وفاءاتٌ والتزامات للبنان أوَّلاً وأخيراً شعباً وأرضاً وكياناً مستقلاًّ جديراً باستقلاله، متعاوناً مع المحيط والعالم من ضمن استقلاله، مادّاً جسورَ تعاوُنٍ سياسي وتعامل دبلوماسي وتجاري وصناعي وسياحي ومالي مع كل العالم، كما تتعامل الدول في ما بينها من ضمن استقلال كل دولة، وكرامة كل دولة، ومن دون أية تبعية أو إملاءات أو ارتهانات.
انطباع كوفي أنان عنا أمس، فلْنُعَمِّمْهُ على كل كوفي أنان في الخارج، ولنعتمدْه في الداخل قوة لبنانية واحدة موحدة تَنْهَدُ إلى بناء دولة واحدة موحَّدة تَحترمها الدول على أنها ضئيلة الحجم لكنها سليلةُ القرار.
ووحده قرارُنا الموحّد يَجعل أخصامَنا وأعداءَنا يتهيَّبون ضرب وحدتِنا، وجسورِنا المواطنية قبل جسورنا على الطرقات.