هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

485: ما أحوجنا اليوم إلى كمال يوسف الحاج

الحلقة 485: ما أحوجنا اليوم إلى كمال يوسف الحاج
(الأحد 2 نيسان 2006)

لأنه كان يَجهر بلبنانيته، قتلوه. لأنه كان ينادي بالقومية اللبنانية، اغتالوه. لأنه، في زمن العروبة والعوربة والاعريراب والتخلي عن الوجه الحقيقي للانضمام الاستعاري إلى أقنعة وجوه الأخرين، كان ينادي بلبنان اللبناني، انقضوا عليه وكسروا قلمه. لأنه كان يعلّم “الفلسفة اللبنانية” بتراثها وأعلامها، علَّموه أن يسكت فشجوا رأْسه بفأس الحقد الانتقام والجهل الجاهلي.
اليوم، في السادسة مساءً، في بيت عنيا – حريصا، وفي الذكرى الثلاثين لاستشهاده باسم لبنان اللبناني، نتذكر الكبير كمال يوسف الحاج لا باحتفال خطابي عابر ننصرف بعده كلٌّ إلى بيته، بل في بادرة نبيلة لعمل نبيل، هو إعلان المباشرة بإصدار مؤلفاته الكاملة تنقذنا من تخبُّطنا فنشعر أنْ ما أحوجنا اليوم إلى فكر كمال يوسف الحاج .
اليوم، في السادسة مساءً، في بيت عنيا – حريصا، نلتقي معاً، قراؤه وطلابه وقادرو فكره اللبناني، نتكوكب حول ذكراه الثلاثين، ونشهد البدء بانطلاق ورشة العمل في إصدار المؤلفات الكاملة للشهيد اللبناني الذي لا يذكره أحد بين شهداء لبنان فيما هو استُشهد من أجل كلمتِه اللبنانية، ومناداتِه باللبنانية، ودعوتِه للعودة إلى جذور لبنان التاريخية والفكرية والفلسفية، رافضاً أيَّ مسٍّ باللغة العربية بل مدافعاً عنها بعقلنة واضحة، منطلقاً من أنّ لبنان لا يقوم إلاّ بالنصلامية (أي رسالتيه النصرانية والإسلامية معاً)، ومنطلقاً من أن القومية اللبنانية أساسُ الانفتاح على سائر القوميات، وهو ما لم يفهمه مدّعو القوميات الأُخرى بغرغراتهم السياسية وعرضحالاتهم التلفزيونية والصحافية.
كمال يوسف الحاج، داعية نبذ الطائفية، قتلته جاهلية الطائفية. كمال يوسف الحاج، داعية التجذر اللبناني، اغتالته جاهلية الانتماء إلى جذور الآخرين. كمال الحاج، الذي تتعهد جمعية المرسلين اللبنانيين مشكورةً إصدار مؤلفاته الكاملة، سيعود إلى مكتبات الجيل الجديد من اللبنانيين، مفكراً لبنانياً يعودون إليه كما يعودون إلى أركان الفكر والفلسفة واللبننة، فيقْوَوْن بأن اللبننة ليست وهماً بل حقيقة، ولبنانَ اللبناني ليس ادعاءً غوغائياً بل حقيقةٌ تاريخية فكرية إتنية لن نعيها على جوهرها الأصل إلاّ بالعودة إلى معلّمها الشهيد كمال يوسف الحاج.