هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

472: الوفاء للشخص والولاء للوطن

الحلقة 472: الوفاء للشخص والولاء للوطن
(الأربعاء 15 شباط 2006)

ما شهده لبنان أمس الثلثاء، في الذكرى الأُولى لزلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان على تعبيرين: الوفاء لرفيق الحريري، باني لبنان الحديث طالعاً من رماد الفجيعة ودمار الحرب، والولاء للبنان رفيق الحريري كما شاء أن يُخرج لبنان من رماد الفجيعة ودمار الحرب.
والذي بناه الرئيس الحريري كان دوماً يضعه في رصيد لبنان، على صورة ما نعرف عن الزعماء التاريخيين في العالم، مِمّن يبنون وطنهم أو لوطنهم أو في وطنهم، ويوظّفونه في رصيد الوطن.
هؤلاء الزعماء التاريخيون يبرزون في أوطانهم شهُباً ساطعة، يتركون بصماتهم في أوطانهم ويرحلون، غياباً طبيعياً أو اغتيالاً أو استشهاداً، فيظلون في الذاكرة الوطنية الجماعية يُذكرون لهذه المنجزات، ويرتبط اسمهم بتلك المنجزات.
الشاهد: أن يظلَّ الوفاء للشخص الذي عَمَّر، ويتطوّر الولاء للوطن الذي تعَمَّر.
الشاهد: ألاّ يظلَّ الولاء للشخص ولا ينتقل للوطن. وهو ما يرفضه، في غيابه، الرئيس الشهيد.
ما صنعه ديغول لفرنسا لم يصنعه بعده رئيس. اليوم، الفرنسيون أوفياء لشخص ديغول لكن ولاءهم لفرنسا أولاً وأخيراً، مع كل احترامهم بكل إجلالٍ لذكرى ديغول.
من العلامات السلبية في العالم العربي، وفي أنظمته التوتاليتارية بشكل خاص، ولاءُ الشعوب للشخص لا للوطن، وتعييشُهم الشخص لا الوطن، ومساحاتٌ شاسعةٌ لصور الأشخاص لا لشعارات الوطن.
من أبرز الأقوال التي تستعيدها اليوم وسائل الإعلام، عبارة الرئيس الشهيد رفيق الحريري: “الوطن أكبر منا جميعاً”. فلنتّعظ بهذه العبارة من باني لبنان الحديث، ولننصرف إلى بناء الوطن الذي نشله رفيق الحريري من الدمار والرماد لبناناً يطلب منا أن يظلّ وفاؤُنا للباني، وإنما أن يتعاظم ولاؤُنا للوطن، ولعلم الوطن، ونشيد الوطن، وصورة الوطن، ولبنانية الوطن.
بهذا نخلّد باني الوطن، ونستحقُّ أن ننتمي إلى لبنان.