هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

469: لا خلوي حتّى في المطاعم

الحلقة 469: لا خَلَوي حتى في المطاعم
(الأحد 5 شباط 2006)

عن صديقٍ لي وصل صباح أمس السبت من باريس أنّ في عددٍ من مطاعم العاصمة الفرنسية لافتةً تشير إلى منع استعمال الخلوي منعاً باتاً داخل المطعم، والطلبَ إلى الزبائن الابتعادَ خارج المطعم للاتصال لأنّ تَلَقِّي المخابرات مَمنوعٌ داخل المطعم. وفي تبرير ذلك أنّ لتناوُل الطعام حرمةً لا يجب أن يخدشها رنين الخلوي والتحدث به، ولو كان المطعم يعُجٌُّ بالرواد وما يصاحب تناوُلَهم طعامَهم من أحاديث قد لا تخلو هي الأُخرى من بعض ضوضاء.
هذا يعني أن رنينَ الخلوي مزعجٌ في أماكن عامة لم يعُد حامل الخلوي فيها قادراً على الاستغناء عن خَلَوِيِّه حتى وهو يتناول طعام غداءٍ أو عشاء. وهذه درجةٌ متقدمةٌ أُخرى من الحضارة واحترام حرية الآخرين وعدم التسبُّب بإقلاقهم وإزعاجهم. فلم تكتفِ تلك المطاعم بمنع التدخين داخل المطعم لعدم إزعام الآخرين ممن لا يدخِّنون، بل منعت كذلك رنين الخلوي لعدم إزعاج الآخرين ممن يتناولون طعامهم بهدوء.
فكم نحن بعيدون عن هذا النمط من احترام الآخرين، حين نجد في صالون من مترين بمترين مَن يدخِّن سيجارته أو سيجاره وينفخ دخانه في فضاء الغرفة أو فوق صحون المائدة. وكم نَجد بيننا مَن يترك لوقاحة خلويَّه الرنين في محاضرة أو ندوة أو أمسية موسيقية أو كنيسة أو صفٍ في مدرسة أو جامعة.
إذا كانت حرية الفرد تنتهي عند حدود حرية الآخرين، فإزعاج الآخرين بات علامةً من علامات التخلُّف في مُجتمعنا المدني حين لا نعود نفرِّق بين الحرية والوقاحة.
حرَّمت باريس التدخين في المطعم وحتى رنين السلالير؟ وكيف ندّعي أننا بلد الإشعاع والنور حين في شعبنا مَن بحاجة إلى إعادة تأهيل مدني؟
ذات يوم كان في مدارسنا كتابٌ يعلّم التلامذةَ التربية المدنية. هل تذكرون؟