هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

466: كي لا يغيب لبنان عن موزار

الحلقة 466: كي لا يغيب لبنان عن موزار
(الأربعاء 25 كانون الثاني 2006)

بعد غدٍ الجمعة مساءً يطفئُ تلامذة الكونسرفاتوار اللبناني مئتين وخمسين شمعة في فندق البستان، رمزاً لمرور مئتين وخمسين عاماً على ولادة موزار سنة 1756. ويأتي ذلك بعد تقديم تلامذة الكونسرفاتوار أمسية خاصة بموزار يعزفون خلالها باقة من مقطوعاته.
أهمية هذه الظاهرة، عدا مضمونها الموزاري، تحفيز تلامذة لبنان على المشاركة، ولو بهذه الرمزية المدلولية، في الاحتفالات العالمية التي تعُمُّ بلدان الدنيا احتفاء بالذكرى المئتين والخمسين لولادة موزار. وبذلك لا يغيب لبنان عن هذه التظاهرات العالمية، فيما لبنان غارق هذه الأيام بسجالات سياسية واصطفافات حزبية وخناقات ديوكية تلفزيونية حول أمور بديهية يستحي مواطنون آخرون في بلد متطور من الدخول فيها، كبديهية الاعتراف بلبنانية القرار اللبناني، وبديهية الانتماء إلى لبنانية لبنان قبل الانتماء إلى هويات أُخرى وقرارات أخرى من خارج لبنان.
أهمية هذه الظاهرة، تأتيها السيدة الرائدة ميرنا البستاني: تحفيز وسطنا الطلابي على التطلّع إلى عباقرة الدنيا، والتماهي بهم، إنقاذاً لهذا الوسط الطلابي اللبناني من الغرق في وُحول السياسة اللبنانية الضيقة المتزمّتة، وانفتاحاً لهم على آفاق الإبداع العالمي.
ومتى قارنّا السن التي بدأ منها موزار عزف الموسيقى أو وضع بواكيره الأولى، وهو لم يكن تجاوز السادسة من عمره، ومتى عرفنا أنّ بين تلامذة الكونسرفاتوار اليوم مَن في هذه السن يبدأون دراسة الموسيقى، يمكننا القول أنْ من يدري: قد يكون بين تلامذتنا اليوم موزارٌ غداً، عزفاً أو تأليفاً، لكنّ كل موهبة تحتاج، كالغرسة الطرية، إلى رعاية ودراية، كي تتبلور الموهبة وتتفتح وتنضج وتسلك الطريق السليم، وهو ما شدّد عليه رئيس الكونسرفاتوار الدكتور وليد غلمية مساء الجمعة الماضي في مسرح بيار أبو خاطر حين افتتح أول أمسية لأول أوركسترا تلامذة الكونسرفاتوار، مشدِّداً على دور الأهل في رعاية مواهب أولادهم.
وبين بادرة وليد غلمية الأسبوع الماضي، وبادرة ميرنا البستاني هذا الأُسبوع، يكون لبنان لم يغب عن الاحتفالات العالمية بسنة موزار، ويكون تجاوز وُحُول السياسة إلى ذهب الإبداع، وهو الأنقى والأبقى والأرقى في مسيرة التاريخ.