هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

401: رسالة أولى من قمة حرمون

الحلقة 401: رسالة أُولى من قمة حرمون
(الاثنين 5 أيلول 2005)

يصعب وصف الشعور الذي يعترينا ونحن في مكانٍ يبدو منه الأفق أدنى منا، وتبدو الغيوم باقات جمالٍ أدنى منا كذلك، ولا يكون المكان نافذةَ طائرةٍ تعبر فوق الغيم والأفق بل تلةً مهيبة على خاصرة جبلٍ في لبنان.
هذا هو الشعور الذي لبِسَنا ونحن عند نستريح عند تلة المخيّم من جبل حرمون المهيب على ارتفاع 2300 متر، لا فوقنا إلاّ قبةُ السماء وفويقَنا قمةُ حرمون على ارتفاع 2814 متراً يتمركز عندها الجنود النمساويون أفرادُ قوات الفصل الدولية التابعةِ للأمم المتحدة، يسكنون قصر شبيب، على أعلى قمة من ثلاث في السلسلة الشرقية، هي ثاني أعلى قمة جبلية في لبنان بعد قمة القرنة السوداء في السلسلة الغربية والتي ترتفع 3091 متراً.
المشهد من أندر ما يعاينه إنسانٌ في مشوار حياته. وفي وقفةٍ ووراءنا القمة، نلتفت إلى تحت، تحت، في البعيد، فنرى قبالتَنا راشيا بقرميدها التاريخي، إلى يميننا عيحا ببساطها الأخضر، كفرقوق، ينطا، بَكّا، فدير العشائر، وبينها عين عرب، خربة رُوحا، مزوخا، البيره، الرفيد، كفردنيس، ضهر الأحمر. وقبالتنا تحت في البعيد الأسفل: ضهر البيدر، شتورة، مكسه، ثم بحيرة القرعون تتغاوى حولها مشغره، صغبين، عين التينه، تلتحف جميعُها هيبة جبل الباروك. أما إلى يسارنا تحت، فتمتد بيت كيفا، طنّورة، مرج الزهور، كفرمشكي، لبّايا، سحمُر، يحمُر، قلاّيا، زلاّيا، وتمتدّ إلى أبعد منها، جنوباً، حاصبيا، مرجعيون، وإلى أبعد: صيدا وصور، وصولاً إلى الخالصة، أول قرية شمالية في فلسطين.
مهيبٌ هذا المنظرُ الذي، من مكانٍ واحد على تلة واحدة، يكشف تحتنا هذا البساط الرائع لقرى من زمردٍ عالقاتٍ في جوار الغمام، فإذا هي من هنا، تحتنا هي والغمام.
هذا بعضُ ما يعترينا من زهوٍ لبناني على قمة حرمون. بعضُ التتمةِ تأتي غداً. فإلى حلقة الغَد.