هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

396: كيف ننتقل من السلطة إلى الدولة

الحلقة 396: كيف ننتقل من السلطة إلى الدولة
(الاثنين 29 آب 2005)

لا ينفكّ رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري يردد في خُطَبه بأن خلاصَنا هو في “الانتقال من لبنان السلطة إلى لبنان الدولة. فغيابُ الدولة سبّب وجودَ سلطاتٍ محليةٍ متنوعةٍ ومركّبة، وسلطاتِ ظلٍّ تفقد الثقة بلبنان، وسبّب ضياعَ فرصِ أن نبني وطناً متطوراً عصرياً يكون وطن العدل وتكافؤ الفرص، يتساوى فيه الجميع أمام القانون”.
هذا الكلام، من رئيس السلطة الثانية في الدولة، فليتعمَّم على رؤساء السلطات جميعاً. أن يعترف رئيس السلطة التشريعية بأن لبنان اليوم ما زال لبنان السلطة لا لبنان الدولة، يعني أننا ما زلنا بعيدين كثيراً عن حماية الدولة، دولة القانون والمؤسسات، ويعني أننا ما زلنا نعيش في العراء لا في الطمأنينة، بكل ما في العراء من أخطار العواصف واللااستقرار، واللجوء عند الخطر لا إلى دولةٍ حاميةٍ ضامنةٍ بل إلى سيد هذه العشيرة، أو سيّد تلك المزرعة، أو سيد تلك القبيلة، أو سيّد هذه الطائفة أو تلك، يعني ما زلنا في غابة المزرعجية والطائفية والمحسوبية والزبائنية، ويعني أن شعبنا ما زال في معظمه مُساقاً قطعاناً عمياء وراء هذا السياسي أو ذاك، طالما الدولةُ سلطة، والسلطةُ سلطاتٌ محلية، والوطنُ موزاييك سياسيين طوائفيين اصطفافيين ويريدون شعبنا مسيَّساً اصطفافياً أعمى.
وبداية الخلاص من هذا السرطان القاتل، هو، كما قال الأستاذ نبيه بري، في الانتقال بأسرعَ ما يُمكن، من لبنان الأشخاص والزعماء والسياسيين إلى لبنان الدولة، دولة القانون فوق الجميع، ودولة المؤسسات التي نبنيها مرةً بدون محسوبيات، فتبقى على السنين ضامنةً حقوقَ أبنائنا وأحفادنا في وطنٍ دولةٍ يكون فيها السياسيون خُدّام هذه الدولة لا قياصرتَها، ويكون فيها الشعبُ حسيبَ السياسيين لا قطيعاً في حبوب مسابحهم.