هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

372: تجارة الأعراس وإزعاج الناس

الحلقة 372: تجارة الأعراس وإزعاج الناس
(الثلثاء 26 تَـمُّـوز 2005)

بعد دقائق على بثِّ حلقة أمس الاثنين، اتصل بي مسؤولٌ كبيرٌ في مُجمَّع بَحري كبير، يلومني على كلامي في حلقة أمس عن إطلاق المفرقعات في الأعراس، معتبراً كلامي نوعاً من قطع الأرزاق لأن من ضمن تِجارة المجمَّعات والفنادق الكبرى أن يتضمّن العقدُ معها إطلاقَ المفرقعات في نهاية العرس.
فيا هذا: عدمُ قطع الأرزاق لا يكون في السماح بقطع أنفاس الناس ذُعراً وخوفاً في سكون الليل، ولا بإزعاج الناس بعد منتصف الليل، ولا بِحرمان الناس من النوم ساعاتٍ طويلة.
وما نقوله عن مفرقعات الأعراس نقوله عن المفرقعات في الأعياد الدينية، حين تشتعل أحياء المدن والقرى والمصايف والدساكر بِمفرقعاتٍ تنفجر في الليل الطويل بِحجة الابتهاج بالعيد، ونقوله عن إطلاق المفرقعات نهاراً أو ليلاً في حالات الفوز بانتخابات، أو الفجيعةِ بِمأساة أو بِمأْتَم، أو تَجوالِ موكبٍ سياسيٍّ أو حزبِيٍّ، وإزعاج الناس وإرعاب الأطفال لساعات طويلة.
وجميع هذه الظواهر القبائلية البدائية الوقحة، تصبُّ في غيابٍ هائلٍ مباح، هو فقدانُ هيبة الدولة. فالمواطن ليس له يَحميه سوى مرجِع الدولة، وهذه غائبةٌ هيبتُها عن حزم الأمر وطمأنة المواطن.
في بلدان العالم المتمدّن، لا القبائلي ولا المزرعجي، يكفي أن يتصلَ المواطنُ بالبوليس في الحي إذا كان صوت الراديو أو التلفزيون عالياً قليلاً في بيت جاره، حتى يَحضرَ رجلُ البوليس وينظّمَ مَحضراً بالمخالف، فكيف إذا كان الأمر لا يزعج جاراً فرداً بل حياً كاملاً، بل بلدةً كاملة، بل منطقة كاملة؟
الحكومة الجديدة، فلتبدأْ من هنا، من مُحاولة استعادة… هيبة الدولة.