هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

364: متى ننتقل من دولة المذاهب إلى دولة المواهب؟

الحلقة 364 – متى ننتقل من دولة المذاهب إلى دولة المواهب؟
(الخميس 14 تَـمُّـوز 2005)

في مطلع الدستور اللبناني أن اللبنانيين جميعاً متساوون أمام القانون. وفي تفسير بديهي لهذا النص، أنْ ليس في لبنان مواطن “بريمو” ومواطن “سيكوندو” ومواطن “تيرسو”، بل جميع اللبنانيين متساوون في الحقوق والواجبات، كما الحال لجميع الفرنسيين أو جميع الأميركيين أو جميع الألمان أو جميع السويديين أو أيِّ مواطنين آخرين في دول العالم الأول.
ولكن… هل فعلاً جميع اللبنانيين متساوون في الحقوق؟
نراقب ما يجري، فماذا نرى؟ نرى أنّ سقفَ اللبناني الأرثوذكسي أن يكون نائب رئيس حكومة، وسقفَ اللبناني الشيعي أن يكون رئيس مجلس نواب، وسقفَ اللبناني السني أن يكون رئيس مجلس وزراء، وسقفَ اللبناني الماروني أن يكون رئيس جمهورية ولا يمكنه أن يكون رئيس حكومة ولا رئيس مجلس نواب، وسقفَ اللبناني الدُّرزي أو الكاثوليكي أو الأرمني أن يكون وزيراً، وسقفَ اللبناني الإنجيلي أن يكون نائباً في بيروت، والسلسلة طويلة لا مجال لتعدادها كلّها.
فهل هكذا يكون احترام الدستور بأن اللبنانيين جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات؟
مَن يطالبون بإلغاء الطائفية السياسية معهم حق، شرط أن تلغى من النفوس قبل النصوص. ومَن يطالبون بعلمنة الدولة لا يعني أنهم ضد المذاهب أو الطوائف أو الأديان. فالعلمنة المدروسة وفق حاجات الدولة وكوادرها، تُحفِّز المواطن اللبناني أن يكون متساوياً ومواطنَه اللبناني فلا يصل منهما إلا الكفيُّ بكفاءته العلمية لا بانتمائه إلى هذه الطائفة أو تلك الجهة السياسية.
ومتى عَلِم شبابُنا في الخارج أنّ كفاءتهم لا طائفتهم هي التي تؤهِّلُهم تَبَوُّؤَ فرص العمل في وطنهم، يعودون إلى وطنهم بكل قناعة، فيشاركون في بناء دولة لبنانية جديدة معيارُها الكفاءة، وسقفُها الدستور، وحمايتُها القانون، ومقياسُها ما لا ينفكُّ يكرِّره السفير فؤاد الترك: “دولة مواهب لا دولة مذاهب”.
وهذا هو المفتاح الأول الى… لبنان الجديد.