هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

347: هذه هي قصة بيتهوفن والملك

الحلقة 347: هذه هي قصة بيتهوفن والملِك
(الثلثاء 21 حزيران 2005)

وَعدْتُ في حلقة أمس الاثنين أن أروي قصة بيتهوفن والملك، للتأكيد على انتساب الوطن إلى المبدعين لا إلى السياسيين. وهذه هي القصة.
ذات غروب، كان بيتهوفن يتمشّى وصديقاً له في شارع رئيسيٍّ من فيينا، وكان الصمم بلغ في سمْع بيتهوفن مرحلةً متقدّمة جعلته لا يسمع إلاّ ما يُقال له في أذنه بصوت عالٍ. فجأةً، سَمع رفيقُه خبب أحصنة وجلبة دواليب حديدية على بلاط الشارع. التفت فرأى موكب الملك آتياً من بعيد. ارتعش وصرخ في أُذْن بيتهوفن أن يقِفَا كي يُحيِّيا الملك. فهِم بيتهوفن لكنه مضى في سيره لم يتوقف.
رفيقُه وقف مكانه، وانتظر وصول الموكب حدّه فانْحنى بانْخفاضٍ وحيّى الملك والحاشية وهو يصفّق فرِحاً لكونه رأى الملك شخصياً. وبعدما عَبَر الموكب، التفتَ فوجدَ بيتهوفن أصبح تَحت،في آخر الشارع. لَحِقَ به مستفسراً باستغراب: “ولو… ألا تقف لِموكب الملِك تُحييه”؟ فرمَقَه بيتهوفن العظيم بنِظرةٍ قاسية وقال له: “الملِك؟ شو يعني الملِك؟ وشو يعني الأمير والحاكم والوالي وأيُّ مسؤول سياسي في الحكم أو خارجَ الحكم؟ المسؤول السياسيٌّ مسؤولٌ اليوم، وينحني له الناس اليوم. غداً يكون في العُزلة أو في المنفى أو في القبر أو في النسيان. أما أنا بيتهوفن، فالناس صفّقوا لي أمس، ويصفّقون اليوم، وسوف يصفقون لي غداً وكل يوم”.
وصدقَ قولُ العبقري الخالد. فمئات الملايين صفقوا لأعمال بيتهوفن، ويصفقون اليوم وسوف يصفقون غداً وبعد غدٍ وكلَّ غدٍ آتٍ مع الأيام. ولكنْ… كم واحداً من مئات الملايين هؤلاء يعرف مَن كان ملكاً أو وزيراً أو والياً أو حاكماً أو نائباً أو أيّ مسؤول سياسي على أيام بيتهوفن؟
ولبيتهوفن قصةٌ قويةٌ مُماثلةٌ مع راعيه المُفْضِل عليه الأمير النمسَوي ليخنوفْسكي، أرويها غداً للتأكيد على فناء المسؤولين وبقاء للمبدعين. فإلى الغد.