هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

345: مجلس من أربع سنوات يؤسس لأربعين

الحلقة 345 – مَجلسٌ من أربع سنوات يؤسس لأربعين
(الجمعة 17 حزيران 2005)

بعد غدٍ صباحاً تبدأ. بعد غدٍ مساءً تنتهي، فتنسدل آخر ستارة لآخر عازل في آخر غرفة على آخر صندوقة اقتراع، وتنسدل الستارة من الشمال على انتخابات شهدت ما شهدت من موجاتٍ بِحُلْوِها ومُرّها، بتصاريْحها وتَجاريْحها وتباريْحها.
هذا الأحد تنتهي انتخابات الشمال. وهذا الاثنين يبدأ عهدٌ جديدٌ لِمجلس نيابي جديد. والسؤال: إلى أين من هُنا؟ وكيف نؤسس للأربع السنوات المقبلة؟
الأُسبوع الماضي قرأنا في “النهار” للمحلّل الرصين المعمِّق الدكتور باسكال مونان كلاماً لا يُمثّله وحسب، بل يُمثّل جيله الكامل من لبنانيين يرفضون التهريج السياسي الكاريكاتوري الكلامي، ويطالبون المجلس النيابي الجديد أن يترصَّن في السنوات الأربع المقبلة فيتلتفت إلى أبناء هذا الجيل الجديد. بين أوجع ما قاله باسكال مونان بكل قلق: “من حق الناس أن يلعنوا ما يَجري فيشعروا بشبه خديعة من طبقة سياسية واسعة لم تبلغ بعدُ سن الرشد السياسي تتقاسم النواب في مشهد يذكّر بجمهوريات العالم الثالث حيث توفّر النخبة على الناس مشقّة الانتخاب. ومن حق الناس أن يَحزنوا على نفسهم المنكوبة بجزء من هذه الطبقة السياسية، لأن الناس لم ينْزلوا إلى الشوارع في 14 آذار حتى يعيشوا في حزيران ما يعيشونه، ولم يعطوا في 14 آذار وكالة لأحد يتصرف بِهم كما يتصرف جُزءٌ من هذا الطبقة السياسية”.
انطلاقاً من كلام باسكال مونان نعيد السؤال: منذ هذا الاثنين وهذا المجلس الجديد، إلى أين من هنا؟
إلى أين؟ أوّلاً وأخيراً إلى إقناع جيل باسكال مونان من شبابنا الثقيف الأكاديْمي الواعي بِمرحلة الأربع السنوات المُقبلة: إلى إقناع شبابنا الرائعين بسَن قوانينَ وتشريعاتٍ ورؤيةٍ ناضجة مسؤولةٍ للبنان المستقبل المطلوبُ ألاّ يكون وطنَ المقيمين وحسب، بل وطنَ الذين هَجَروا وهاجروا وتَهَجَّروا وينتظرون أن تنفتح أمامهم الفرص ليعودوا كالسنونو إلى وساداتهم في البيوت التي وُلدوا فيها ونشأوا وهَشَّلَهُم منها ومن الوطن عددٌ من “بيت بو سياسة” ساسوا الوطن عشائرياً أنانياً مصلحجياً مَزْرَعَاتياً كأن الوطن كلَّه على صورة أزلامهم ومَحاسيبهم والمهرّجين المهيّصين في المهرجانات الانتخابية.
المطلوب مَجلسٌ نيابيٌّ جديدٌ يبدأ منذ صباح هذا الاثنين بالعمل أربع سنوات كي يؤسس لأربعين سنةً مقبلةً، وإلاّ فَمَحكومٌ عليه بالفشل سلفاً إن لم يعمل لاستعادة أدمغتنا اللبنانية المُهاجرة المرصودُ عليها أن تعودَ إلى الوطن فتُعيدَ معها نبْضَ الوطنِ الطالعَ من المستقبل لا من مومياءات الماضي.