هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

337: من 50 سنة حتى اليوم: تيتي تيتي

الحلقة 337: من 50 سنة حتى اليوم: تيتي تيتي
(الثلثاء 7 حزيران 2005)

قبل نصف قرن من اليوم، وتحديداً في 14 نيسان 1951، يوم كتب كبيرنا الصحافي جورج نقّاش في افتتاحية الـ”أوريان”: “أن أنتخب، يعني أن أختار. وأن أختار، يعني أن أُقارن. وأن أُقارن، يعني أن أُفاضل”.
بعد أربعٍ وخمسين سنةً من هذا القول،أين نحن منه؟ وأين وعيُهُ منّا؟ هل حقاً تقدّمنا خمسين سنةً حتى نصل إلى هذه المرحلة الواعية الحضارية في شعبنا المفتَرَض فيه أن يكون اليوم غيرَ ما كان عليه قبل خمسين عاماً؟
هل نتائجُ الدورتين الماضيتين في الأسبوعين الماضيين، والنتائج المتوقّعة من الدورتين المقبلتين هذا الأحد والأحد التالي، تبشِّر بأن شعبنا تقدَّم خمسين سنةً بين 1951 و2005؟
هل قاموس البوسطات والمحادل والليستات كما هي، واللوائح المعلّبة سلفاً، والأسماء الباقية هي هي، والوجوه الباقية هي هي، الطالعة من ساحة النجمة والعائدة هي نفسها إلى ساحة النجمة، هو قاموسٌ يبشّر بأن الذين ساسوا شعبنا منذ خمسين سنةً حتى اليوم، ساسوا الوطن سياسة الغد المتطوّر لا سياسة المزرعة والقبيلة والعشيرة وسَوق الشعب قطيعاً مسيَّراً لا مطيعاً مُخيَّراً؟
وهل الوجوه الجديدة، ولو القليلة، الآتية إلى ساحة النجمة بعد أسبوعين، قادرةٌ على التغيير، أو بداية التغيير، من دون أن يسحقها دينوصورات مستنقعات لا تزال تفرضُ مياهها الآسنة منذ خمسين سنة حتى اليوم، وترفضُ أن تتغيّر، وترفضُ أن تسلّم مقاعدها، وتفرض عودتها كل دورة انتخابية حتى لو اجتاحها الباركنسون والألزهايْمر؟
لو كان جورج نقاش ما زال حياً بيننا، ووقعت عيناه على مقاله هذا من أربع وخمسين سنة، ووقعت عيناه على الجوّ الانتخابي اليوم، ما كان يُمكن أن يقول؟
أتخيّله، جورج نقّاش، كان أعاد الجريدة إلى خزانته بِهزّة رأسٍ ساخرة، وأقفل جهاز التلفزيون أمامه، وأشعل سيجارته وخرج إلى شرفة مكتبه وقال: “عبث… عبث… تيتي تيتي”.