هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

328: الكلام في السياسة غير الكلام في الوطنية

الحلقة 328: الكلام في السياسة غير الكلام في الوطنية
(الأربعاء 25 أيار 2005 )

نادراً ما يُمَيِّز المتلقّي (قارئاً كان أم مستمعاً) بين الكلام في السياسة والكلام في الوطنية. وهذه “الـ”نقطة على الحرف”، في الحلقات العشر الماضية عن الانتخابيات (الأسبوع الماضي والأسبوع الأسبق)، لم تكن كلاماً في السياسة ولو هي تناولت الانتخابات، بل كانت كلاماً في الوطنية التي هي أرقى وأنقى وأبقى من السياسة، بل هي أُمُّ السياسة ومُوجّهَتُها وقاعدتُها وهامتُها معاً. هذا، طبعاً، إذا وُجِد للوطنية سياسيون يُغَذّون هُم الوطنية لا سياسيون يتعيّشون كالأعشاب الطفيلية من تسخير الوطنية على قياسهم، وادّعائها والتبشير بها لا لِمصلحة الوطن والشعب بل لِمصالِحهم الخاصة.
كلامي على الانتخابات، في الحلقات العشر الماضية، كان للشعب. والشعبُ هو الوطن. ولم يكن كلامي موجَّهاً للمرشّحين ولا لسياسيين ليسوا جميعاً يستحقّون نعمة أن يسوسوا الوطن.
الكلام في السياسة هو الكلام على أشخاص. الكلام في الوطنية هو الكلام للشعب. وأنا هَمّي التوجُّهُ إلى الشعب، شعبِنا الطيّب الذي أؤمن بقدرته على التغيير.
الكلام في السياسة آنِيٌّ عابرٌ زائلٌ بزوال الحدث السياسي أو بزوال صانعي الحدث السياسي. الكلام في الوطنية باقٍ دائمٌ بقاءَ الوطن.
الانتخابات، كالسياسة، آنيّةٌ عابرة زائلة. المهِمُّ ما بعد الانتخابات وكيف تَخدم الوطنَ نتائجُها ونوايا الفائزين بها.
المجلس النيابي الذي ستُفرزه انتخابات 2005 سيأتي بقديْمه المألوف المعروف، وسيأتي ببعض جديده المُضمِرِ أن يكون تغييرياً. وما نتوسّمه من شبابنا الجدد في المجلس المقبل، أن ينقلوا الممارسةَ البرلَمانية التشريعية من الزبائنية إلى المواطنية، من العشائرية إلى المؤسساتية، من تفصيلات على قياس السياسيين وورثتهم(من غير شَر) إلى تشريعاتٍ تطلُّعيَّة على قياس أجيال لبنانية لم تولَد بعد.
قانون الـ2000 سَيِّئ؟ لكنه مَـرّ. سيُفرز مَجلساً جديدُه ضئيل؟ فلْيَكُن. إنّما فلْيكن هذا المجلسُ العتيد جسراً مؤقّتاً طولُه أربع سنوات يُهيِّئُ قانون انتخابٍ تطلعياً للمجلس الذي بعده، فينتقل لبنان عندئذٍ إلى مَجلسٍ جديدٍ عام 2009، يكون على صورة لبنان الجديد، ولائقاً بأن يكون، لاحقاً، مُمَثِّلاً حقّاً شعب لبنان، وفق قانون يُشّرّف تَمثيلَ أجيالنا التي… لَم تولَد بعد.