هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

313: الشباب في الطليعة والسياسيون يلحقون

الحلقة 313 – الشباب في الطليعة والسياسيون يلحقون
(الأربعاء 4 أيار 2005)

كان لافتاً ما قاله عميدُنا غسان تويني في افتتاحية “النهار” الأحد الماضي من أنّ “أحزابنا معظمُها أفلس، وأدى قسطَه للعلى، وآن له أن ينامَ على ماضيه. فلم يعُد في متناولنا من هيكلية ديمقراطية لتأمين “تداول السلطة ” غيرُ تَجربة جيل انتفاضة “استقلال 2005”.
وكان لافتاً اقتراحُ الوزير الشاب دميانوس قطّار تشكيلَ مجلس نيابي افتراضيّ أبيضَ من الشباب اللبناني يأتي بـ128 شاباً يشاركون في بناء لبنان الجديد.
وكان لافتاً تردادُ الزعيم اللبناني وليد جنبلاط أن “الشباب سبقونا وبات علينا أن نلحق بهم ونعرف ماذا يريدون”، وترجم هذا التردادَ بترشيح اثنين حتى الآن من الشباب التقدمي: فيصل الصايغ في عاليه ووائل أبو فاعور في راشيا.
وكان لافتاً من سياسيين لبنانيين كثيرين غيرِ تابعين تكرارُهم أنّ الشباب اليوم باتوا في الطليعة فعلى السياسيين أن يتْبعوا ويتّبعوا.
وكان لافتاً أن يضُمَّ مُخيَّمُ الشباب في ساحة الحرية شباباً من جميع مناطق لبنان، ومن جميع طوائف لبنان، ومن جميع أحزاب لبنان، ومن كلّ قلب لبنان اللبناني، توحَّدوا قلباً واحداً وعقلاً واحداً وصوتاً واحداً وتصميماً واحداً ورأياً متعدداً واحداً، على أن يكون لبنانُ للّبنانيين وحدهم: لهم وحدهُم القرار، منهم وحدهم الحُكم، بهم وحدهم المصير، وإليهم وحدهم يؤول المستقبل.
كان لافتاً إذاً أن يصبح هؤلاء الشباب الرائعون الرقمَ المرجعيَّ الصعب في المعادلة السياسية والوطنية والصحافية والإعلامية اللبنانية، فلا يعود يتجاوزُهم قرارٌ ولا يعود يَجتازُهم حكُمٌ ولا تَحكيم.
وتبقى أهَمّيّتُهم، هؤلاء الشباب الرائعين، أنهم كانوا الشرارةَ التي ترجمت نارَ العنفوان اللبناني والصمودِ اللبناني والعنادِ اللبناني على الحق اللبناني، وأكثر أكثر بعد: أهميتهم أنهم الشرارةُ التي ستصل تردُّداتُها إلى دولٍ عربية قريبةٍ وبعيدة، ليكونوا نَموذج شرارةٍ شبابيةٍ شعبيةٍ تنذر أن تكون شرارةَ التغيير في أنظمةٍ كثيرةٍ يتشبّه فيها شبابُها بشباب لبنان ليكون التغيير عندهم شبَهاً بالتغيير الذي أحدثه شباب لبنان.
شبابُنا في الطليعة، والسياسيون يلحقون؟ إنها المعادلة التي لولاها لكان شهداء لبنان سقطوا بلا ثَمَن، لكنهم، وهُم اليومَ في عليائهم هانئون باستشهادهم، يذوقون كيف شباب لبنان تَمكّنوا من التغيير منذ24 أيار 2000 حين شباب المقاومة طردوا المحتلّ الإسرائيلي من أرض جنوبنا الطاهرة، الى14 آذار 2005 حين شباب لبنان جميعهُم طردوا ثلاثين عاماً من القهر والوصاية، بعد زلزال 14 شباط الذي سقطَ فيه شهيدٌ كبير ليقومَ لبنانُ المستقِلُّ الحُرُّ الكبير، وسكت قلبُه إلى الأبد لينبض بالحياة الحرّة إلى الأبد… قلبُ لبنان اللبناني.