هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

311: لغة النواب الهمايونية في جلسات المجلس التلفزيونية

الحلقة 311 – لُغَةُ النُّوَّاب الهَمَايُونيَّة في جلَسات المجلس التلفزيونيَّة
(الاثنين 2 أيار 2005)

تزداد شهية النواب عندنا على الكلام والمناقشة كلّما تزداد الكاميرات في قاعة المجلس فيروحون يتزاحمون على طلب الكلام وامتطاء منبر الندوة النيابية والاسترسال في خُطَب طويلةٍ مطَّاطة، في أكثرها استعراضية عرضحالية مُمِلٌّة، ما كانوا ليُلقُوها لو ان الجلسة ليست منقولة على التلفزيون.
وبصرف النظر عن مضمون الخُطَب (ومعظمُها لدى معظمِهم للظهور أمام جمهورهم الحبيب في دوائرهم الانتخابية) نركّز هنا على الأُسلوب والشكل والقراءة، وتَحديداً على اغتيالهم قواعدَ اللغة العربية مع كل عبارةٍ أو جملةٍ أو فِقْرةٍ من خُطَبِهم العصماء، فلا احترامَ عندهم لرفعٍ في مكانه أو نَصْبٍ في مَحلّه أو جرٍّ في موضعه، وهُم “يطحبشون” اللغة، بلا احترامٍ لقاعدة لغوية ولا خجل من سامعين ومشاهدين يستسخفونهم بغضب.
ولرُبَّ معترضٍ أنّهم غير ملومين لأن هَمَّهم الأساسي هو المضمون فاللغة ثانوية. والجواب بسيط: هل يرضى فرنسي أو فرنكوفوني في العالَم أن يسمع نائباً في برلُمان بلاده يقولle lune بدلla lune أو la soleil بدلle soleil ، أوj’ai arrivé بدلje suis arrivé؟ أو هل يرضى إنكليزي أو أميركي أو أنكلوفوني في العالَم أن يسمع نائباً في برلُمان بلاده يقولhe go بدل he goes أوhe braked بدلhe broke أو أن يَجمع child علىchilds بدل children؟
ولربّ معترضٍ أنهم غير ملومين لأن لغَةَ كتابتهم غيرُ لغة حَكْيِهم. والجواب كذلك بسيط: فليخطبوا بلُغَةِ تكلُّمهم أي بالمحكية اللبنانية، ولينتهِ الأمر، وليُريْحونا من تكسيرهم اللغةَ بشكل معيبٍ ومنفِّر.
ولربّ معترضٍ أنهم غير ملومين لأنهم مضطرُّون أن يتكلَّموا بالفصحى، وهُم غيرُ ضليعين في العربية كتابةً وتشكيلاً. والجوابُ كذلك بسيط: مَن يكتبُ منهم فليُعطِ نصَّه إلى من يُشكّله له بالأحمر العريض كي يقرأه على الأقل صحيحاً، ومَن لا يكتُب منهم، فليُعطِ أفكارَه القيّمة إلى من يَصوغها له في نص يشكِّله له بالأحمر العريض وليتمرّن على قراءته قبل الكاميرا فلا يَخدُش سامعيه في لبنان والعالم بقراءته المعيبة المزعجة حتى القرف.
وإذ نَحن على أبواب الانتخابات، فليكن في المجلس النيابي المُقبل نوابٌ شبابٌ يكتبون ويقرأُون في لغةٍ صحيحة، أو يَستكتبون فيقرَأُون في لغةٍ صحيحة كي يُقنعوا سامعيهم بدون تنفير واشْمئزاز من لغتهم الهمايونية في جلسات المجلس التلفزيونية.
إن مَن يَحترم لغتَه يَحترمُ تُراثه، ومن يَحترمُ تراثَه يَحترمُ وطنَه، ومَن يَحترمُ وطنه يَحترمُ نفسَه وسامعيه.
وإنّ اللغةَ هي اللسان، واللسانَ هو العقل، والعقلَ هو الإنسان. فليحترمْ نوابُنا الأشاوس لغةَ كتابتهم وتالياً تراثهم وتالياً سامعيهم الذين يَمُجُّون ركاكةَ لغتهم وتالياً يَمجّونهم لأنهم لا يَحترمون الإنسان اللبناني.
ولا يستهينَنَّ أحدٌ بإنسانِ لبنان.