هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

293: مبارك دعاؤك للبنان بالحرية والسلام

الحلقة 293: مبارَك دُعاؤَك للبنان بالحرية والسلام
(الأربعاء 6 نيسان 2005)
أيها المُسجَّى في قلب بازيليك القديس بطرس وتغادرنا اليوم إلى مثواك الأخير حدّ أسلافك الأبرار، سنذكر عنك دوماً أنك كنت بابا الحرية والسلام، مرّةً على هدي المعلم المُسالِم الذي علّمنا “من ضربك على خدِّك الأيْمن أَدِرْ له الأيسر”، ومراتٍ مُخترقاً كل عُرفٍ سابق، على هدْي المُعلّم نفسه الذي بِحكمته نقضَ الناموس.
كان العُرْفُ طوال 455 سنةً قبلَك أن يكون سيّدُ الفاتيكان أسقُفُ روما ابنَ العاصمة روما أوِ ابنَ بلدةٍ إيطالية، فجئتَ أنتَ بولونياً من ضيعة فادوفيتش أسقُفَ كراكوف لتصبح أسقفَ أساقفةِ العالم.
وكان العُرْفُ طوال قرونٍ قبلَكَ أن يستقرّ البابا في حاضرة الفاتيكان لا يغادرُها، فتحركت أنت طوال بابويتك التي امتدت 9664 يوماً، وحملتَ حاضرة الفاتيكان في صوتك وهيبتِك إلى 127 حاضرَةً عالمية حضَّرْتَها بِحضور مسيح المحبة والحرية والسلام، وقطعتَ إليها مليوناً و167295 كلم واجَهَكَ خلالها شخصياً 17 مليون شخص تزوّدوا ببطاقات للدخول إلى لقائك.
وكان العُرف قبلَك أن يعمل البابا للمحبة والسلام في أروقة الفاتيكان، فانطلقْتَ تقصدُ أنتَ أروقةَ الحُكام والملوك والرؤساء، تُزيح عن بلدانهم غمامات الظلم والاستبداد والتوتاليتاريا، وترسم لهم على خطِّ السماء خطَّ الحقّ وسعادةَ الحرية، على هدْي المُعلّم الذي قال: “تعرفون الحقَّ والحَقُّ يُحرِّرُكم”.
جئتَ من بلاد مقهورةٍ بالغزوِ النازي والاحتلالِ السوفياتي، فحرّضْتَها وشئتَ تُحرر كل بقعة مُحتلّةٍ في العالم، فعملتَ بصمتٍ مرةً وتَحَرُّكٍ مرات، وشهدتَ سقوطَ أنظمةَ توتاليتارية وتَفَكُّكَ الاتّحاد السوفياتي وانْهيارَ حائط برلين.
وقلِقْتَ على لبنان فجئتَ إليه تَمشحه بالسلام وتدعو إليه الحرية وتُنْهِضُه بالتحرُّر من جلجلة الاحتلال والوصاية إلى قيامة الحرية والسيادة والاستقلال. وها هو لبنان (بعد ثَماني سنواتٍ على زيارتك الحبرية) يخلع عنه جراح الجلجلة الطويلة، وتوشك أن تدقَّ فيه ساعةُ القيامة. كانت عينُه عليك كي تراه يخرج إلى النور كما سعيتَ لهُ، لكنكَ أغمضتَ عينيكَ قبيل قيامته! فباركْ أيها الأبُ الأقدس، باركْ من ليل عينيكَ فجرَ لبنان الذي يودّعُكَ اليوم بالصلاة والدعاء أن تلاقي وجهَ ربِّكَ راضياً مرضياً، مثلما راضياً مرضياً يَخرج لبنان، بصلواتِكَ، من الموت بالاستبداد والوصاية والذلّ والقهر، إلى القيامة بالحرية والسيادة واستقلال لبنان.
أيها الأب الأقدس، مباركٌ الآتي باسم الرب، ومبارَكٌ دُعاؤُك للبنان، بِما سينعم به، بعد غيابِكَ، لبنان.