هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

291: … ولتكن عيناك المغمضتان مفتوحتين على قيامة لبنان

الحلقة 291: … ولْتكُن عيناكَ المغمضتان مفتوحتَين على قيامة لبنان
(الاثنين 4 نيسان 2005)

أيها المُسجَّى اليومَ في قلب بازيليك القديس بطرس على أقدام أمك العذراء، الحشودُ حولَك تصلِّي، والعالَمُ لك يصلِّي، ويصلِّي لُـبنان.
غير أنَّ لصلاة لبنان بَخوراً أخَر طالعاً من عبق الوفاء: الوفاءِ لأنك جئتَ قدّستَ أرضه وسرتَ على أرض الوطن التي مشى عليها قبلك المسيح، فاستراح في صيدا وصور، وشفى المرأة الكنعانية في الصرفند، وصعد إلى قيصرية فيلِبُّس عند سفح الحرمون، واعتلى قمة الحرمون متذكراً أن مياهَ ثلج هذا الجبل، هي التي تُشكِّل نهر الأردن بِمياهِهِ اعتمد على يد يوحنا الذي قال: “هذا هو ابني الحبيبُ الذي به سررت”، وكأنَّ لبنانَ اليوم يرُدُّ الوفاء ويصلِّي: “يا أبانا الأقدس، يصلّي لك اليوم وطنُنا الحبيب الذي فيه سُرِرْت”.
ويكون أيضاً أنّ لصلاة لبنانَ، بَخوراً أخَر طالعاً من عبق الوفاء: الوفاءِ لِمن جعلَ لبنان أكثر من بلدٍ ذي جغرافيا وديْمُغرافيا، فقاله “الوطن الرسالة”: رسالةَ النموذج اللبناني إلى العالم، رسالةَ الوطن المنارة التي ضئيلةٌ مساحتُها على خارطة الأرض وواسعةٌ وبعيدةٌ أنوارُها حتى لتبلغ آخر البحر وآخر الأرض، رسالةَ العيش الواحد (لا “التعايش” بين شعبين ولا “العيش المشترك” بين وطنين) بل العيش الواحد في الوطن الواحد على الأرض الواحدة في البيت اللبناني الواحد بين أذان المسجد وسكُون الخلوة وجرس الكنيسة، بين “بِاسم الله الرحمن الرحيم” و”باسم الآب والابن والروح القدس”، “الوطنَ الرسالةَ” الذي، كوطنٍ، ضاءَ وهجُه على المنطقة فأرادوا يُحرقون وجهه، والتي، كرسالةٍ، ضاءت أبْجديتُها على أُمِّيَّة المنطقة فشاؤوا يطفئون حروفها.
لكنّك أنتَ، جئتَ أنتَ، أيها الأب الأقدس، تباركُ رعاياكَ فتنقذُ الخِرافَ من ذئاب الهيكل.
أيها المُسجَّى اليوم، مُغمَضَ العينين بِهَناءة الذاهب إلى لقاء الرب، خَلِّ عينيكَ على لبنان.
أيها المُسجَّى اليوم، مُغمَضَ العينين على رجاء القيامة، خَلِّ عينيك المُغمَضَتَين مفتوحتَين على قيامة لبنان الذي ليلُهُ يقترب، هزيعاً هزيعاً، من فجر القيامة.