هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

287: أطفالنا بين بهجة العيد وبهجة الاستقلال

الحلقة 287: أطفالُنا بين بهجة العيد وبهجة الاستقلال
(الثلثاء 28 آذار 2005)

أخبرني كثيرون من أصدقائي عن حماسة أطفالهم وأولادهم نهار مظاهرة 14 آذار وزحفهم الهادر إلى ساحة الحرية.
أخبروني كيف أطفالُهم حملوا العلم اللبناني بفخر وفرحٍ واعتزاز، وانغمروا بشلال المواطنين حولهم في ساحة الكرامة، وراحوا يهتفون مع الهاتفين بالحرية والسيادة والاستقلال.
هذا لا يعني أن الأطفال فاهمون تماماً بوعيٍ وقناعةٍ كلَّ ما يحصل ولماذا يحصل وكيف يحصل، لكنّ المهمّ في ذلك أنْ تبقى في ذاكرة هؤلاء الأطفال عناصرُ مهمةٌ لازمةٌ لسنواتهم المقبلة. من هذه العناصر:
أوّلاً : أنهم شاركوا في بهجة تظاهرة كبرى من أجل لبنانية لبنان، أهمَّ بكثيرٍ من بهجة أيِّ عيدٍ آخَر عرفوها.
ثانياً : أنهم حملوا العلم اللبناني ولم يروا حولهم إلا الذين يرفعون العلم اللبناني، وفي هذا ترسيخٌ في عيونهم لشكل العلم اللبناني ورمزية العلم اللبناني وصورة العلم اللبناني.
ثالثاً : أنهم أنشدوا النشيد الوطني أو شاركوا في إنشاده أو سمعوا المواطنين حولهم ينشدونه، وفي هذا ترسيخٌ في سمعهم ووعيهم المتنامي لكلمات النشيد الوطني اللبناني ، ولَحْن النشيد الوطني اللبناني، ورمزية النشيد اللبناني وأهمية النشيد الوطني اللبناني في الحياة اليومية اللبنانية.
رابعاً : أنهم سيكبَرون بعد اليوم، وفي ذاكرتهم العلم اللبناني والنشيد الوطني اللبناني وحرية لبنان اللبناني واستقلال لبنان اللبناني وسيادة لبنان على أرضه من دون أيّ تدخُّل خارجيٍّ أياً تكن جهةُ هذا التدخل الخارجي.
خامساً : أنهم، حين سيصبحون بدورهم أمهاتٍ وآباءً ويرزقون أطفالاً، سيُنشئون أطفالهم على ترسيخ العلم اللبناني والنشيد الوطني اللبناني وحرية لبنان اللبناني، وبذلك يكون لبنان ينتقل من جيلٍ إلى جيل وهو يترسَّخ في الجيل بعد الجيل لبناناً لبنانياً ديمقراطياً حُراً مستقلَّ الرأي والقرار والسيادة والكرامة على أرضه مُحَرَّرَةً كاملةً حتى آخر شبر في الجنوب، يحكم نفسه بنفسه متعاوناً مع الأقربين والأَبعدين، منفتحاً على الأقربين والأبعدين، متحالفاً، ككل بلد، مع كلّ مَن التحالفُ معه لا يتعارض وكرامة لبنان وسيادة لبنان.
هذه بعض العناصر المهمة البِنائية ذاتُ المغزى، لنُزُول أطفال لبنان نهارَ صرخة الاستقلال إلى قلب عاصمة لبنان، رأْسُ أهميتها أن يَنشَأُوا على هذا المشهد فيُنشئوا غداً أطفالهم عليه كذلك، وتتعمَّمَ على مستقبل لبنان طفولةٌ لبنانيةٌ ذاتُ مواطنيةٍ صالحة. والوطنُ القويُّ لا ينشأُ من جيل واحد ولا من حدثٍ واحد ولا من تظاهرةٍ واحدة، بل يتعمَّر جيلاً بعد جيل ونشأَةً بعد نشأة، وهو هذا ما يبشِّرُنا بمستقبل قويٍّ للبنان، طالعٍ من ترسيخٍ متتابعٍ للبنانية الطفولة.