هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

279: أنا عامل عند ربّ عمل واحد هو لبنان

الحلقة 279: أنا عاملٌ عند ربِّ عملٍ واحدٍ هو لبنان
(الخميس 17 آذار 2005)

قالها السفير فؤاد الترك قبل سنواتٍ طويلة، حين كان في المسؤولية رئيسَ بعثاتٍ للبنانَ في عواصمَ كبرى من العالَم، وقالَها أميناً عاماً لوزارة الخارجية ذات فترةٍ صعبةٍ من تاريْخ لبنان الحديث.
قالَها جهاراً: “أَنا موظَّفٌ عند ربِّ عملٍ واحدٍ، هو لبنان”. وحسَمَ بذلك ما كان قبلها، ومعها، وما اسْتَجَدَّ بعدها من تدخُّلات وتداخُلات ومداخَلات، وكان صوتُهُ مرفوعاً الى كل الهَرَم، من أعلاه الى أسفله، حاسماً بذلك كلَّ مَن مِن بيت بو سياسة كان يَمرّ بباله أن يتدخّل في أمر يتعلق بالخارجية، وحاسماً بذلك كلَّ مَن مِن بيت بو سياسه كان يَمُرُّ بباله أن يعتبر فؤاد الترك مَحسوباً عليه، أو يَمونُ عليه، أو يفرضُ عليه أيّ أَمرٍ أو مسأَلة.
وقالَ جهاراً كذلك في حسمِ قول: “إذا اصطدمَت الدبلوماسية بالحقيقة، أُضحّي بالدبلوماسية في سبيل الحقيقة”. قالَها، وهو المُدرِكُ أنَّ الدبلوماسيةَ مهنتُهُ وحرفتُهُ وخبرتُه، حاسماً بذلك كلَّ لَغْطٍ حول كَوْن الدبلوماسية أحياناً تُجانب الحقيقة.
هاتان مقولتان من السفير فؤاد التُّرك، بين مقولاتٍ أُخرى تؤسِّسُ للبنانَ الدولة القوية، يقول بِها من أَجْل أن تنهضَ في لبنانَ دولةٌ متينةُ الأُسس والقيم والمبادئ الوطنية.
واليوم، فيما لبنانُ يعبر الجسْرَ الأخيرَ صوب فجر الحرية، ما أَحوجَنا الى خبرةِ فؤاد التُّرك في تأسيس دولةٍ متينة، وأمثالِ فؤاد التُّرك في بناء جيلٍ جديدٍ يقوم على الولاء للبنان، وما إلاّ للبنان.
ويا حبَّذا لو انّ السياسيين اليوم، والموظّفين اليوم، والمواطنين اليوم، في لبنان، كلِّ لبنان، يقتدُون بِمبادئ فؤاد التُّرك في الولاءِ لوطنٍ واحدٍ هو لبنان، ولربِّ عملٍ واحدٍ هو لبنان، ولِحقيقةٍ واحدةٍ هي حقيقةُ لبنان. وحين يَقتدُون بِهذه المبادئ، لا يعودُ أحدٌ من لبنان مستزلِماً لسياسيّ، ولا يعودُ أحدٌ في لبنان مستسلماً لتشويه الحقيقة، ولا يعودُ أحدٌ في لبنان يتمسَّكُ بالأشخاص بل بلبنانَ الوطن، أو يتْبعُ أشخاصاً بل يتّبع قيَمَ لبنانَ الوطن، فيصبحُ الموظّفُ خادمَ المواطن إذ يَخدمُ الوطن، ويصبحُ السياسيُّ خادمَ المواطن إذ يقود البلاد لِخدمة أبناء الوطن.
في هذه المرحلة المفصليّة من تاريخ لبنان اليوم، نَفتح كتاب فؤاد التُّرك ونقرأُ فيه الكرامةَ والنّزاهةَ والحكمةَ، فنتعلّم كيف نبني لأولادنا وطناً يعتَزّون بأن يكونوا – على أرضه وتَحت سمائه – أبناءَ لبنان.