هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

278: من ساحة الشهداء إلى ساحة رياض الصلح

الحلقة 278: من ساحة الشهداء الى ساحة رياض الصلح
(الأربعاء 16 آذار 2005)

ما زالت أَصواتُهم المباركةُ النقيّة تتردّد في الساحتين، وما بين الساحتين، وما حول الساحتين.
كأَنْ ليست مصادفةً أن تتجاورَ الساحتان في قلب بيروت.
ساحةُ الشهداء التي، منذ تسعين عاماً، شهدَت أحرار لبنان، من كلِّ لبنان، يتعلّقون على أعواد المشانق كي يتحرَّرَ لبنان من الاحتلال العثماني.
وساحة رياض الصلح التي تَحمل تِمثالَ الزعيم اللبناني الذي، باسم لبنان، كلِّ لبنان، ناوأَ الانتداب فاعتقلَه وسجنَه ، وحين خرج من قلعة راشيا خرج لبنان من الانتداب الى الاستقلال.
ويَجمَعُ الساحتين معاً شارعُ بشارة الخوري الذي يَحمل اسم الرئيس اللبناني الذي ناضل هو الآخَر ضدّ المنتدِب الذي كانت قويَّةً قبضتُه على لبنان، فتحرَّر منه لبنان واستقلّ الى الكرامة اللبنانية.
وراءَ شهداءِ 6 أَيار كانت حركاتٌ تَحرريةٌ سريةٌ ضدَّ العثمانيين، ووراء رياض الصلح وبشارة الخوري كان سياسيُّون لبنانيُّون شرفاء في المجلسَين الوزاري والنيابي يصرخون معهما هتفةً واحدة ضد انتداب فرنسا.
وخرج المحتلُّ العثماني، وخرج المنتدبُ الفرنسي، واستقلَّ لبنان وكان لشعب لبنانَ الفضلُ الأكبر في صرخة الحرية وصرخة الاستقلال والكرامة اللبنانية.
واليوم أيضاً: يَحفُرُ الشعبُ اللبناني استقلاله الجديد، بِهتفةٍ واحدةٍ ملأَت العالَم عبر شاشات تلفزيونات العالَم، فشهد العالَمُ كيف يتحرَّرُ الشعبُ بالمقاومة، أيّاً يكن المحتل، أياً يكن المنتدب، أياً يكن الوصيُّ وباسم أيٍّ كان وصياً هذا الوصيّ.
ساحتان في قلب بيروت، ملأَتْهما أعلامٌ رفعَها لبنانيُّون لا يريدون إلاّ جيش لبنان، إلاّ أمن لبنان، إلاّ قرارَ لبنان، إلاّ كرامةَ لبنان مرفوعةً لا يرتَهِنُها أحدٌ ولا يسلبُها أحدٌ ولا يُهينُها أحد.
ساحتان في قلب بيروت، يَجمع بينهما مَن أَعادَ الحياةَ الى قلب بيروت ويرقدُ اليوم في حِضن بيروت، قلبُه صامتٌ لتنبضَ به قلوبُ أهلِ بيروت وكل لبنان.
ساحتان في قلب بيروت، ساحةُ شهداء 6 أيار وساحةُ شهيدِ استقلال 1943، جمع بينهما مَن أَشعلَ في 14 آذار 2005 نارَ الحميَّةِ اللبنانية ونورَ الكرامة اللبنانية.
ساحتان في قلب بيروت، وحَّدَت بينهما زنودُ اللبنانيين امتدّت في الساحتَين، وبين الساحتَين، وَحَوْل الساحتَين، كي ترتفعَ الزنودُ المتكاتفةُ المتخاصِرةُ، من كلِّ لبنان، زنداً واحداً لا إلاّهُ لا إلاّه: زَنْدُ لبنان الذي أشرقَت عليه، أخيراً، شَمسُ الكرامة اللبنانية.