هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

236: مطار بيروت الواسع… بدون سلة مهملات

الْحلقة 236: مطار بيروت الواسع… بدون سلّة مهملات
(الاثنين 10 كانون الثاني 2005)

بعدما أصبحت هذه الحلقة، ويا لسَعدي وشرفي، واحةً تعبّر عن أفكار المواطنين وشعورهم غضباً أو تأففاً أو ملاحظةَ قول، فباتوا يتصلون بي على الإذاعة أو على هاتفي الخاص، يعرضون عليّ، مشكورين، معايناتهم ومعانياتهم، مشاهداتٍ وملاحظات، آخرُ من اتصل بي صباح أمس الأحد، مواطنٌ لبناني طلبَ مني عدمَ ذكْر اسمه، كان أول أمس، السبت، ينتظر ابنه واصلاً الى مطار بيروت. وفي قاعة انتظار الواصلين، لاحظ سيّدةً، أجنبيةَ الطلعة، حاملةً فنجان قهوةٍ فارغاً وتبحث عن سلة للمهملات ترميه فيها. فتّشت في أرجاء قاعة الانتظار فلم تجد سلّة مهملات. ذهبت الى أبعد، لم تجد كذلك. ولأنها من بيئة حضارية تحترم البيئة، وفي نسيج نشأتها ألاّ ترمي الزبائل على الأرض وفي الزوايا، فتّشَت أكثر، فصعَدَت الى الطابق الأعلى، وما لبثت أن عادت، في يدها الفنجان، وعلى وجهِها استفهامٌ كثيرٌ عن اختفاء سلال المهملات في مطار حديث عصري.
عندئذ تقدّم منها مواطننا اللبناني، ففهم منها أنها أميركية، فتشت القاعة الواسعة وتلك التي فوق، ولم تجد مستوعِبَ نُفايات ولو صغيراً ترمي الفنجان فيه. تبرّع مواطننا اللبناني أن يأخذَ منها الفنجان الفارغ، فاعتذَرَت عن ذلك بلطفٍ وشكران. وصدفَ أن مرّ بهما موظف جمرك، أخبره المواطن بالأمر فقلب الموظف شفتيه وقال: “غريب”. وانصرف يواصل تدخين سيجارته.
ثم رأى المواطن عامل تنظيفات. سأله عن سلة نفايات، فلم يجد هذا جواباً إلاّ أخْذَهُ الفنجان الفارغ كي يرميه هو، أي عامل التنظيفات، في “مكانٍ ما” لم يفصِح عنه.
لو ان هذا الأمر حدث مع شخص آخَر، غير هذه السيدة، ربما كان رمى الفنجان في زاويةٍ، وراء عمود، تحت كرسي، واستراح منه بدون خجل ولا وخز ضمير.
أما وأنه قد يحدث مع أجنبية، أو مع أجنبي، أو مع أي مواطن لبناني ذي حسٍّ مدني، فهو أمرٌ مُعيبٌ وشائن، لأن المطار واجهة لبنان، ومحطُّ الانطباع الأول للواصل إليه، أجنبياً كان أو لبنانياً.
ومع تقديرِنا ما تقوم به إدارة المطار من جهد لإبقاء المطار نظيفاً مرتباً لائقاً، بشراً وحجراً، لطافةَ موظّفين وتسهيلَ معاملات، فإننا نُهيب بالمسؤولين عليه أن يُبقوا على دورياتٍ متواصلةٍ من المراقبة والتنبُّه. فحتى لو غابت سلال النفايات أويقاتٍ لإفراغها، إن كان هذا هو سببُ غيابها، يجب ألاّ يضطَرَّ زائرٌ في مطار بيروت الى البحث عن سلة نفاياتٍ، إن لم يجدْها ظنَّ أن المساحاتِ المباحةَ عندَنا، جميعُها… مكبُّ نُفايات.