هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

235: أين التربية الموسيقية في مدارسنا؟

الْحلقة 235: أين التربية الموسيقية في مدارسنا؟
(الْجمعة 7 كانون الثاني 2005)

كلامي أمس الخميس في حلقة “نقطة على الحرف” حول بث الموسيقى الكلاسيكية في الإذاعة، يأخذني اليوم الى أمر مُلِحٍّ آخَر: ماذا ينفع أن تَبُثَّ الإذاعةُ فترةً أو فتراتٍ من الموسيقى الإنسانية العالية الراقية، ولا يستمتع بها سوى قسمٍ من المستمعين متذوّقي هذه الموسيقى العظيمة وقادريها، فيما القسم الأكبر الآخَر لا يجد فيها ما يشدُّه إليها؟
يعني؟؟؟ يعني على شعبنا أن يكون متأهِّلاً كلُّه لسماع الموسيقى الكلاسيكية.
جمهور أمسيات الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية في كنيسة الجامعة اليسوعية يتنامى أمسيةً بعد أمسية وأخذت تضيق به الكنيسة لكنه ليس سوى جزءٍ ضئيلٍ جداً من الشعب اللبناني.
فماذا عن المساحة الشعبية الأوسع التي هي جمهورُ تلامذتنا وطلابنا؟ ماذا لو بدأْنا نرفع من مستوى ذائقة الشعب اللبناني انطلاقاً من مئات آلاف التلامذة الذين هم اليوم شعبنا الراقي غداً؟
ذات يوم، على عهد الدكتور منير أبو عسلي رئيساً للمركز التربوي للبحوث والإنْماء، تَمَّ وضع وتنفيذ “خطة النهوض التربوي” التي تفرض إلزامياً على جميع مدارس لبنان، رسميَّتِها والخاصة، تدريسَ الموسيقى والرسم والمسرح في الصفوف، وتشكلت لذلك لجنة كان منسِّقَها العام الدكتور وليد غلمية الذي شارك أيضاً في تأليف الكتب الموسيقية.
شو صار بعد ذلك؟ نجح منير أبو عسلي فعاقبته الدولة الشوساء بعزله ووضعه في التصرف، ونجح المركز التربوي في إصدار الكتب فعاقبته الدولة الشوساء بوضع الكتب في المستودعات.
يعني؟ يعني: المطلوب من العزيزة الدكتور ليلى مليحة فياض، الرئيسة الحالية للمركز التربوي، ونحن نعرف جدارتها ومقدرتها العاليتين، أن تُحرّك هذا الأمر مع وزارة التربية، وتالياً مع هذه الحكومة الشوساء التي لا تبدو مهتمةً إلاّ بـ”إبداع” قانون الانتخاب، ولتتعمّم على مدارسنا “خطة النهوض التربوي”، حتى إذا عمدَت دولتُـنا ذات سنةٍ من القرن الخامس والعشرين، الى بناء بيت للأوركسترا أو دار للأوبرا، يكون خرج من صفوف الشعب اللبناني طلابٌ واعون أهمية الموسيقى الكلاسيكية الراقية، فيرقَون الى سماعها والاستمتاع بها في بيتها أو من الإذاعة.
وعندها، عندها فقط، حين يصبح شعب لبنان على مستوى سماع الموسيقى العظيمة العالية الراقية الإنسانية، لا سماع تصاريح السياسيين، يكون لبنان حقاً دخل في زمن… لبنان الجديد.