هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

231: كي لا يقاد شعبنا قطعانا عمياء

الْحلقة 231: كي لا يقادَ شعبنا قطعاناً عمياء
(الاثنين 3 كانون الثاني 2005)

بين تمنيات التهنئة بالعام الجديد، خلوياً أو رسائلَ إلكترونية أو بطاقاتٍ بريدية، وصلتني الى “صوت لبنان” رسالةٌ، مغفَلَةُ الاسم، قاسيةُ اللهجة، تعترض فيها كاتبتُها على الحلقة الأخيرة من “نقطة على الحرف” (“قراءةٌ مسبَقة في مفكِّرة العام الجديد”)، مستهجنةً أنْ قلتُ في الحلقة عبارة “عسى يبتعدُ بعض اللبنانيين عن الاستزلام قطعاناً أمام صندوقة الاقتراع”، معتبرةً أنّ في هذه العبارة إهانة لشعبنا اللبناني. وأردفت بعدها بسلسلة تعابير وعبارات تشيد بالشعب اللبناني العظيم.
فيا هذه المغفَلةُ الاسم، يا عزيزتي في اللبنانية ويا أختي في المواطنية: أنتِ تبشرين مؤمناً حين تغدقين أرفع الصفات على شعبنا، فأنا مؤمن بشعبنا، لا عاطفياً ولا تعصبياً ولا شوفينياً، بل أؤمن به، واعياً تماماً قدرتَه وميزاتِه وفضائلَه وصبْرَهُ وبطولاتِه وصمودَه الذي أنقذ الوطن وحرّر الوطن ويبني الوطن.
ولأنني أحب شعبنا، وأعرف كيف ولِماذا أحبُّ شعبنا، وجعتُ أن يؤخَذَ قسمٌ منه غداً، نهارَ الانتخابات النيابية، فيقادَ قطعاناً عمياء الى صندوقة الاقتراع، مستزلِمين لهذا أو ذاك من بابازات السياسة عندنا (وهُم يا محلى بابازات أيام الحرب)، هؤلاء البابازات الذين يركّبون المحادل والبوسطات والأوتوكارات والسيكسولات، ويجلسون في مقاعدهم الوثيرة وسط مجالسهم الخاصة يتباهون بأن عندهم (أُكرر: “عندهم”) كذا ألف صوت لهم، أو كذا بلدية لهم، أو كذا مفتاح انتخابي لهم.
هذا ما أثور من أجله، يا مواطِنتي، كي لا يظلَّ أحدٌ من شعبنا مستزلِماً لهذا أو ذاك من بيت بو سياسة، خصوصاً حين يكون هذا أو ذاك من بيت بو سياسة مستزْلِماً بدوره لأكبر منه هنا أو هناك أو هنالك فيكون في شعبنا مواطنون مستزْلِمون لسياسيين مستزلِمين. أريدُ أن يكونَ كلُّ فرد من شعبنا قِصاصاً للسياسيين المستزلمين، وعقوبةً للسياسيين الفاسدين، فيذهبُ شعبنا الى صندوقة الاقتراع ليحاسب ويقاصص ويعاقب وينتقم، عوض أن يكون حبةً في مسبحة زعماء وإقطاعيين يستريحون على آرائكم ويتبجحون بما عندهم من أصوات كما يتبجح المعّاز بما عنده من رؤوس غنم وماعز.
فلكي لا يعود في وطني أغنام بل كواسر: كلُّ فردٍ من شعبنا نسرٌ حُرّ، كتبتُ ما كتبتُ يا أختي في اللبنانية. فتعالي نتصافحْ ونكملْ مسيرتنا معاً، مع المخلصين الأحرار في شعبنا وما أكثرهم، حتى لا يعودَ في شعبنا أغنام مُساقة، بل نسورٌ تنقضُّ على الطاولات وتَقلُبُ الطاولات على أسيادها، فتنكسرُ الهالات المزيّفة، وينتصر لبنان.