هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

228: متى ننتقل من الدوائر الانتخابية إلى الدوائر الإبداعية؟

الْحلقة 228: متى نتتقل من الدوائر الانتخابية الى الدوائر الإبداعية؟
(الأربعاء 29 كانون الأول 2004)

التقيتُ أمس، في احتفال اجتماعي، بواحدٍ من “بيت بوسياسه”، سمع حلقة أمس الثلثاء من “نقطه على الْحرف”، ولامني أنني ألوم الدولة على تقصيرها مع الأوركسترا الوطنية اللبنانية، في حين الدولة مشغولة بِما هو أهَمّ.
بِما هو أهَمّ، يا هذا الـ من بيت بو سياسه؟ وما هو الأهم؟ انشغال الدولة بتخطيط الانتخابات بين دوائرَ صغرى أو متوسطة أو كبرى؟ انشغال الدولة بتعيينات وتشكيلات معلّبة ومفروضة ومبنيّة على كل معايير الاستزلامات والكيديات أكثر من معايير الكفاءة والْجدارة؟ انشغال الدولة بالْمصالَحة الوطنية التي تعرف الدولة سلفاً أنّها كهف لا تملك هي كل خيوطه؟ انشغال الدولة بالبنية الفوقية دون الالتفات الى البنية التحتية كهرباءَ وطرقاتٍ وخدماتٍ اجتماعية؟ انشغال الدولة بغيابها عن كل نشاطٍ إبداعي فني راقٍ هو الذي تضيء مناراته في العالم بين الحين والآخر بفوز لبناني في العالم، أو نجاح لبناني في مسابقة دولية، أو تحقيق إنجاز إبداعي لبناني في الخارج؟
هل الأهمُّ هو تَجييش الدولة، كلِّ الدولة، بأركانها ومسؤوليها وموظفيها، لتركيب معركة أيار الانتخابية محادلَ وطبخات وبوسطات وأوتوكارات وسكسويلات، ولو تعطلت دوائر الدولة عن القيام بواجباتها مع المواطنين؟
يا هذا الواحد من بيت بو سياسه، هل أُحرجُكَ إن سألتُكَ كم مسرحيةً لبنانيةً شاهدتَ هذا العام 2004، أو كم أمسيةً موسيقيةً حضرتَ، أو كم معرضَ رسم أو نحت زرتَ؟ بلى، أعرف أنني أُحرجُكَ، لذلك لن أَسألَك، لأنني أعرف أنكَ كالكثيرين بين زملائك من “بيت بو سياسه”، لم تتركوا كوكتيلاً إلاّ حضرتموه، ولا حفلةً سياسيةً إلا هرعتُم إليها، ولا مأتماً أو عشاءً إلا كنتم في صدارة الصف الأول، وحفَلت وسائلُ الصحافة والإعلام بوجوهكم النيرة وأسمائكم الْمضيئة.
يا هذا الواحد من بيت بو سياسه، ليتك تعي أنّ كلَّ ما تقومُ به، فقاقيعُ صابون أمام حقيقةٍ إبداعية لا الى جدال: أنك غداً أو بعدَ غدٍ، ستصبحُ مسؤولاً سابقاً مهما بلغت رتبتُكَ السياسية، ولكنْ، هل سمعتَ يوماً بالمؤلف السابق بيتهوفن أو الكاتب السابق شكسبير أو الرسام السابق غوغان، أو فنان مبدع سابق؟