هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

224: رجال الشرطة بين حراسة المواطنين وحراسة المسؤولين

الْحلقة 224: رجال الشرطة بين حراسة المواطنين وحراسة المسؤولين
(الْخميس 23 كانون الأول 2004)

كنتُ مدعواً قبل أيام الى حضور احتفال ثقافي، ففوجئتُ لدى وصولي بثلة كبيرة من رجال الشرطة خلتُ لدى رؤيتها أنّ في الموقع مشكلةً أو حادثةً أو حدثاً غير عادي. ولدى سؤالي عن الأمر أحدَ رجال الأمن قبل أن أترجّل من سيارتي، قال لي إن فلان موجود في الاحتفال.
والفلان هو أحد المسؤولين الذي كان مدعوّاً الى الاحتفال، وهذا الجحفل من شبابنا رجال الأمن، إنما لمواكبته وحراسته وانتظاره في الخارج كي ينتهي الاحتفال.
وهذه ظاهرةٌ ليست جديدةً علينا، نحن المواطنين العاديين الذين ينهرهم رجال المواكبة عند مرور أحد المسؤولين وجحافل مواكبيه ومرافقيه وحراسه، كما تُنهر الكلاب كي تهرول الى أطراف الطريق كي تنفتح الطريق لحضرة المسؤول.
وبالمقابل، عند المطالبة بتكثيف رجال الأمن والشرطة والسير على طرقاتنا أو في مراكزَ حساسةٍ أو في نقاطٍ ساخنةٍ أو حيويةٍ أو محتاجة، يكون الجواب أنْ ليس ما يكفي من العديد لملء جميع تلك النقاط.
أمام هذا الواقع، من حق المواطن أن يتساءل عن فصل عديد كبير من شبابنا رجال الأمن والشرطة، لحراسة المسؤولين، وما أكثرهم بين أصحاب الدولة والمعالي والسعادة، فلا يتحرك واحدهم إلاّ بجحفل جرار من المواكبة والمرافقة والحراسة، كما الى ساحة معركة، ويبقى شبابنا ينتظرون المسؤول في الخارج، متلقّين المطر والريح والبرد والحر والشمس والليل، بعيدين عن عائلاتهم ودفء بيوتهم كي يهنأ المسؤول راتعاً بغبطة أنه مُحاطٌ بمواكبة ومرافقة وحراسة.
وكم مرةٍ أمرُّ أمام بيوت المسؤولين، دافئاً في سيارتي آمناً زخ المطر أو هانئاً ببرودة المكيّف، وأرى حراس المسؤولين تحت المطر أو الشمس، أو تلفحهم ريح البرد، قانعين بانهم يخدمون الوطن عبر حراسة المسؤولين.
وفي أسفارنا الى الخارج، نلاحظ المسؤولين كيف يتجوّلون، إلاّ الرؤساء في مهمات رسمية، فلا نجد جحافل الحرس والمواكبة والمرافقة تقطع الطرقات وتنهر المواطنين كي يحيدوا من درب المسؤول، إلاّ إذا كان المسؤولون عندنا، على مختلف ألقابهم، يعتبرون أن أمنهم مهدّد، حتى وهم يتحرّكون خارج المهمات الرسمية.