هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

175: نيويورك 5: الأوتوستراد من واجب الدولة إلى حقوق المواطن

الحلقة 175: انطباعات من نيويورك (الْجزء الخامس):
الأوتوستراد من واجب الدولة الى حقوق الْمواطن
(الْجمعة 15 تشرين الأول 2004)

حلا لبعض الأصدقاء، وأنا بينهم في نيويورك، أن يصحبوني الى “أتلنتيك سيتي”، الْمدينةِ السياحيةِ بامتيازٍ في ولاية نيو جرزي.
وطالَما نيو جرزي حدَّ نيويورك، خِلْتُ الأمر ينقضي بساعةٍ أو بأكثرَ قليلاً، فإذا بالْمشوار يستغرقُ ساعتين ونصف الساعة خطاً واحداً طوله 130 ميلاً، أي نحو 220 كيلومتراً، يعني طول لبنان: من أقصاه شمالاً في النهر الكبير الْجنوبي الى أقصاه جنوباً عند آخر نقطة في الناقورة.
وعلى الطريق، بديهيٌّ الكلام على نظافةٍ وزفتٍ ناعم وإشاراتِ مدنٍ، ولافتاتِ مسافاتٍ، وكلِّ ما يَجعل السائق يتّجه في أمانٍ فلا يضيع، ولا يُضطر أن يسأل أحداً على الطريق السريع الذي لا يقف عليه أحد كي يجيب عن سؤال.
لكنّ اللافتَ غير البديهي، عبورُنا معابرَ دفعٍ كثيرةً على الطريق، عند الدخول الى كلِّ مَجموعة مناطق في نيوجرزي. وهذه، كما شرح أحد الأصدقاء، واجباتُ الْمواطنِ والزائر تِجاه الولاية لتُغذّي صندوق ميزانية الطرقات لديها فتُبقي شبكةَ الطرقات على حالتها الْجيدة التي نتنعَّم بها.
تغذيةُ ميزانية الطرقات، وتحسين شبكة الطرقات… عبارتان لا نعرف لهما معنى في بلادنا التي مَجموعُ طرقاتها لا يتجاوز طول طرقات ولاية صغيرة في هذه الأميركا الواسعة.
فهل ضروريٌّ، لتحسينِ شبكة طرقاتِنا وتغذيةِ صندوقها، وضعُ معابرِ مرورٍ مدفوعٍ عند بداية أوتوسترادنا الذي، في جُزء كبير منه، أصبح جل بطاطا ولم يعد طريقاً؟ أم تكفي معابرُ ضرائبِ الْميكانيك لتغذية الصندوق الذي لم تعُد تُخمته تُشبع مافيا الهدر والسرقة والتشبيح؟
إنّ مَن يسير بين الولايات الأميركية على طرقتهاالطويلة الطويلة كـ”جدال عقيم” كما يقول الشاعر ت. إس. إليوت، يعرف كم وحدَها مراقبةُ الهدر تغذي كلّ ميزانية، وتُصلحُ كلَّ طريق.
كنتم معي طوال هذا الأُسبوع في انطباعاتٍ منَ نيويورك… إليكم بيروت.