هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

152: جان سالمة ورواية النفوس الكبيرة

الحلقة 152: جان سالمة ورواية النفوس الكبيرة
(الثلثاء 14 أيلول 2004)

غزيرٌ على أناقة، منتجٌ على تَأَنٍّ في الجودة رغم الكثرة، مسكابُ صورةٍ وخيطٍ روائيٍّ، حتى لَهْو الخَطُّ اللبناني الصاعدُ صوب تركيز الرواية على الأُسس الأُلى.
جان سالمة، الدمِثُ المقاربة، السلسُ العطاء، الهادئُ النتاج، المتّضِعُ الأدب على ثقةٍ واتئاد، يطلع علينا اليوم بجديده “النفوس الكبيرة”، شاءها “قصة طويلة” من خمسةٍ وثلاثين فصلاً، هي قصة كل فتاةٍ أحبَّتْ وأصيبَت بِمرارة الخيبة. قصة هوى شغوفٍ، وعاطفةٍ متأَجِّجَة، وآمالٍ مهدورة ضائعة. قصة زوجةٍ تفكّر بالخيانة فتتقرّب من صديق زوجها. قصة حب جارف تَحصل كل يوم بإيقاعٍ معظمُها عنيف، وتقعُ بسببها ضحايا وتتكسَّرُ قلوبٌ على طريق اليأس والدمار.
وعبر الشخصيات الإحدى عَشْرةَ في الرواية، نسج جان سالمة خيوط روايته السائغة، مستفيداً – كما يقول – من قراءته تقنية الرواية في “الأحمر والأَسْوَد” لستندال، وفي “الحرب والسِّلْم” لتولستُوْيْ، وفي “الأب غوريو” لبالزاك، وفي “الكوميديا الإلهية” لدانْتِه، وفي “جزيرة الكنْز” لروبرت ستيفِنْسون، وسواهم وسواها، ليكوّنَ تقْنيتَه القصصية والروائية العالية.
ويعترف جان سالمة أن روايته “النفوس الكبيرة” هي بنت الواقع، رسم شخصياته كما هي، وأحداثَه كما هي، لم يغير فيها سوى بعض زخرفةٍ تنتشل السرد من جفافه السردي الصحافي، وتعيد إليه بعض عاطفة صبوح.
ويُلْمِحُ جان سالمة إلى أنّ في روايته جوّاً مكهرباً مَحموماً، مشحوناً بالانفعالات القوية، يُمَتِّع قارئه بأحداث مَحبوكةٍ في سلاسة ذائقة، فيَخرج من رواية “النفوس الكبيرة”، مدركاً أَنْ أضيفَ إلى أدبنا اللبناني أثَرٌ روائيٌّ جديد يَحمل الأدب اللبناني إلى مرتبةً أبْهى، وسْط الكثير من الهذيان الذي يطالعنا باسم الأدب، وليس فيه سوى ثرثرةٍ مفككةٍ رخيصة، بعيدةٍ عن قيم الجمال والجماليا. وأدب لبنان، في جوهره، جمالٌ وجماليا.