هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

147: ذكريات وأضواء من ذاكرة مدن الفيحاء

الحلقة 147: ذكرياتٌ وأضواء من ذاكرة مدن الفيحاء
(الثلثاء 7 أيلول 2004)

انتهى من قصر الأونسكو، قبل أيام، معرِضُ المهندس الدكتور خالد عمر تدمري “ذاكرةُ مدنِ الفيحاء: مئةُ عامٍ في مئة صورةٍ لِمُدُن طرابلس والميناء والبدّاوي”. فرادةُ هذا المعرِض أنه الأول من نوعه عن عاصمة شَمالنا الحبيب، وأنه يَختصر حقْبةً تاريْخية من قرنٍ كامل (1855الى 1955) وأنه منسَّقٌ بالتسلسل التاريْخي لتتابُع الأحداث فيها. وأهمية هذا المعرض أن الدكتور خالد تدمري، لَملمَ هذه الصوَرَ بِجهودٍ مضنيةٍ من أُولى البطاقات البريدية عن مدن الفيحاء، ومن مَحفوظات وزارة الخارجية البريطانية، ومن مَحفوظات القوات الجوية الفرنسية، ومن مَحفوظات السلطان عبدالحميد (لدى قصر يلدز في اسطمبول)، ومنها صورةٌ أهداها عبدالحميد إلى مكتبة الكونغرس الأميركي عن “المكتب الإعدادي المَلَكي” وكان في ما هو اليوم شارع التلّ. ومع هذه كلِّها مَجموعةٌ كبيرة من الصور الفوتوغرافية لَملَمَها المهندس تدمري من مصوّرين طرابلسيين هواةٍ ومُحترفين ومن مَجموعات عائلات طرابلسية عن مدينتهم الغالية، ما شكَّل في المعرض ذاكرةً جميلةً جداً عن جمال المدينة وتطوُّرِها العمراني والمديني والاجتماعي طوال قرن كامل.
أقدمُ صورةٍ في المعرِض تعود إلى عام 1855 من مَحفوظات السلطان عبدالحميد: منظرٌ عامٌّ للمدينة والقلعة التي يرفرف على سورها العلم العثماني. وأحدث صورة في المعرِض تعود إلى عام 1955 تاريْخِ فيضان نهر أبو علي الذي سبَّب مشروع تقويم مَجرى النهر فَأزال التقويم عدداً كبيراً من المعالم التاريْخية المملوكية في المدينة، وأزال سريرَ النهر بين بيوت عتيقة تتّكئ مشربياتُها من فوقُ على حفافي النهر، في إحدى أجمل واحات لبنان، مذكِّرةً بطابع فينيسيا في إيطاليا.
المهندس الدكتور خالد تدمري (نَجلُ مؤرخنا الكبير الدكتور عمر عبدالسلام تدمري)، شكراً على جهده الدَّؤوب المُضني، وأمنيتُنا أن يدورَ بِهذا المعرِض على مناطقَ من لبنان ننتظر أن تدعوه إليها هيئاتُها الرسمية والخاصة، حتى يتعرّفَ أبناءُ لبنان إلى مدينتنا الغالية طرابلس، هذه التي كانت، قبل مئاتٍ من السنوات، أولَ أُممٍ متحدةٍ في التاريخ.