هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

145: متى النهار الأمني بعد الليل الأمني؟

الحلقة 145: متى النهار الأمني بعد الليل الأمني؟
(الجمعة 3 أيلول 2004)

تطالعُنا وزارة الداخلية، بين الحين والآخر، بعرْضٍ إعلاميٍّ لِما تسمّيه “الليل الأمني” تضبط خلاله مُخالفاتٍ كثيرةً ومطلوبين كثُراً، وهو أمرٌ ضروريٌّ وحيويٌّ يوحي للمواطن بالأمان والطمأنينة إلى قيام الدولة بواجبها وبضبط أوضاع السير ومُخالفاته.
شكراً صادقاً لوزارة الداخلية على الليالي الأمنية، والتحيةُ لشبابنا ضبّاطِ وأفراد الأمن الداخلي على قيامهم بِهذا الواجب المهم الذي يزرع رهبة الدولة في المُواطنين.
ولكن… ما دامت الدولةُ قادرةً على إنْجاح الليل الأمني، بالصورة التي فعلاً تنجح بها، فلماذا لا تقيم نَهاراتٍ أمنيةً، متقطِّعةً مراتٍ ثم دائمةً في ما بعد (طبعاً من دون أن تُقيم حواجز مفصليةً في ساعات الازدحام الشديد) كي تبقى رهبة الدولة في أذهان المواطنين، الرُّعَناء منهم واللامسؤولين، كي لا تظل حوادث السير، بِجميع أشكالها، سبَباً لصُوَرٍ حزينةٍ تعلَّق فوق الدمع في البيوت؟
لِماذا لا يوقف رجالُ السير السياراتِ المسرعةَ فيعاقبون سائقيها بِمحضرٍ موجِعٍ، حتى إذا تكررت مُخالفتهم تُسحَبُ منهم رخصة القيادة؟
ولِماذا لا يوقفُ رجالُ السير المُخالفين بالوقوفِ في مكانٍ مَمنوع، وبالسير عكس السير، وبالسير زيكزاكياً بين السيارات، وبدراجات نارية تَمر بسرعة جنونية مُخيفة، وبضبط سائر مُخالفاتٍ يعرفها المستمعون إليّ الآن ولا عدَّ لَها ولا حصر، وهي باقيةٌ فالتةً على الطرقات بلا ضابط ولا وازع ولا رقيب ولا حسيب، بل بشعورِ أننا في غابةٍ لا يضبطها سوى الموت المتربّص بنا في كل لحظة لأنَّ سائقين بلا أخلاق وبلا مسؤولية ولا تفكير يتغلغلون بيننا أو يتقاطعون منا أو يتجاوزوننا أو يصدمون سياراتنا أو يسببون لنا حوادث صدمٍ أو دهسٍ أو تدهور، ولا يرعوون لأنهم يعرفون أن النهار الأمني لن يطالَهم كما قد يطالُهم الليل الأمني.
فيا وزارة الداخلية، مُجدّداً: شكراً على لياليكِ الأمنية الناجحة، لكننا نريد أكثر: نريد نَهاراتٍ أمنيةً حازمةً تضبُط طرقاتِنا وشبابَنَا المتهوّرينَ البلا مسؤولية وبلا أخلاق، والذين – بطيشٍ ورعونةٍ ووقاحة – يزدادون طيشاً ورعونةً ووقاحةً، لأنهم يعرفون أن الدولةَ ليس عندها… نَهاراتٌ أمنية.