هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

135: الانتظار حتّى نوصِلُكُم بعاملة الهاتف

الحلقة 135: الانتظار حتى نوصِلُكُم بعاملة الهاتف
(الجمعة 20 آب 2004)

وأعتذرُ منكُم أن أكونَ خدَّشتُ مَسمَعَكُم بعبارةٍ فيها هذان الخطآن اللغويان. ذلك أنّ سَمْعَنا يُؤذى، كلّ يومٍ عشرات المرّات، بعبارات تُخَدِّش ذوقنا بأصواتٍ نسائية بَشعة، وتُخَدِّش سَمْعنا بأخطاءٍ لغويةٍ من طراز: “حوِّلوا هاتِفُكُم إلى تون” أو”حوّلوا هاتِفِكُم إلى تون” والأصح طبعاً “حوّلوا هاتِفَكُم”، أو من طراز: “حتّى نوصِلُكُم بعاملة الهاتف” والأصح لغوياً “حتّى نوصِلَكُم بعاملة الهاتف” لكنّ هذه أيضاً مغلوطة لأنَّ عبارة “حتّى نوصِلَكم بِـ” تعني “حتّى نُقِلَّكُم بِـ”، فنقول “حتّى نوصِلَكُم بالسيارة أو بالباص أو بالتاكسي” ولكنّ عاملة الهاتف، حتّى إشعارٍ آخر، ليست سيّارة ولا باصاً ولا تاكسي حتّى يوصِلونا بها، من هنا الصحيح أن يُقال “حتّى نَصِلَكُم بعاملة الهاتف”. وإذا استعملوها معنوياً صحيحة يخطئون بها لغوياً فيقولون: “حتّى نَصِلُكُم”. ومن الأخطاء الشائعة في هذا السياق استعمال الْمُذكَّر دون المؤنّث فتقول السيّدة البشعة الصوت “حوّل هاتِفَكَ إلى تون”. وماذا إذا كان الاتصال من سيّدة، أيَجوز أن تشعرَ بأنّها غيرُ معنيّةٍ بالعبارة أو بأنّها أُنثى والمخاطبة تكون دائماً للرجل في هذا المجتمع الذكوري البدويّ؟
نفهم أن تكون هذه التركيبة مأخوذة عن الأجنبية في دول العالم ولكنّ الفرنسي لا يقبَلُ خطأً لغوياً بالفرنسية في تسجيل الهاتف، ولا الأميركيّ أو الإنكليزي يقبلُ خطأً لغوياً بالإنكليزية، ولا أيُّ مواطنٍ في العالم يقبل خطأً لغوياً بلغته، فلماذا نقبلُ هذه الإهانة للغة العربية وهذا الاستسهال وهذه الْمَوْنة وهذه الخرعة الرخيصة في التعامل مع اللغة؟
ولنا هُنا اقتراحان. الأول، مخاطبة النساء والرجال بالعبارة الحياديّة “الرجاء طلبُ الرقم الداخلي أو الانتظارُ قليلاً”، والاقتراح الآخر اعتمادُ مذيعةٍ جيّدةِ الصّوت سليمة اللفظ ومخارج الحروف يُعتمَدُ صوتُها في جميع التسجيلات الهاتفية فنستريح مرّتين، مرّةً من الأخطاء اللغوية واللفظ البشع، ومرّةً من أصواتٍ نسائيةٍ تطالعنا ببشاعةِ الصوت وبشاعة النبرة وبشاعة اللفظ ومخارج الحروف.