هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

134: فلنتعلّم من سورية ولو مرّة واحدة

الحلقة 134: فلنتعلّم من سورية ولو مرةً واحدة
(الخميس 19 آب 2004)

أصدرت السلطات السورية مؤخراً قراراً حاسماً حازماً منعَتْ بِموجبه سرقة الكاسيت بنسخِها وتزويرِها وبيعِها بثمن بَخْسٍ في الأماكن الْمخصصة والشوارع العامة، فلا يباعَنَّ بعد اليوم إلاّ الكاسيت الأصليةُ الصادرةُ عن الْمنتج مباشرةً من مصنع شرعي، وبات الفنان السوري يتقاضى حقوقَه عن كل كاسيت تباع فتذهب للمنتج حصته وللمؤلف حصته وللملحّن حصته.
أما عندنا، فيطيب لأيّ بياع في مَحلّ أو دكان أن يَختار مَجموعة أغنيات يسجّلُها على شريط كاسيت أو سي دي، ويعرضها للبيع بثمن أرخص من ربطة فجل أو بقدونس، فتباع في مَحل أسطوانات وفي دكان بطاطا وفي الشارع على عربة الْخضَر والبطيخ، ولا يصل منها قرش واحد للمنتج ولا للمؤلف ولا للملحّن.
ومع أن لبنان كان سبّاقاً بين دول الْمنطقة الى توقيع اتفاق برن للحفاظ على حقوق الْمؤلف، فلا يطبّق فيه الْمسؤولون اتفاق برن الذي يَحفظ للمؤلف والملحن عائداتٍ من بيع كل كاسيت أو سي دي، تؤمِّن له دورياً بِحسب عدد الكاسيتات والسي ديات الْمباعة، مبلغاً يضمن له مردوداً يدعم مدخوله ويُطَمْئِنُهُ أكثر من وسام على صدره، أو على تابوته الذي ربّما يَجمع ثَمنَه زملاؤه الفنانون لافتقار عائلته الى ثَمن تابوت.
فهل من الْمعقول كساد كاسيت أصلية من ثمان أغنيات أو عشر، يعيش منها منتج ومؤلف وملحّن، وتباع، بكل وقاحة، في الْمحلات والدكاكين وعربات البطيخ كاسيتات مزوّرة منسوخة مسروقة تَضُم عشرين أو ثلاثين أغنية بألف ليرة أو بألف وخمسمئة ليرة، ولا حسيب ولا رقيب ولا وازع ولا خوف من بوليس أو شرطة أو دولة؟
الْمهتمون بتوطيد العلاقات بين لبنان وسورية، والعاملون على وحدة الْمسار اللبناني السوري، آن الأوانُ كي يُحصِّنوا الكاسيتات من السرقة بالنسخ والتزوير في لبنان، ويتعلّموا من سورية كيف تكون حماية حقوق الفنانين، وكيف يكون الْحزمُ والْحسمُ وتطبيقُ القانون، وكيف تكون، خصوصاً كيف تكون، هيبةُ الدولة.