هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

118: ما الفرقُ بين طريق بعلبك وجلالي سهل البقاع؟

الحلقة 118 – ما الفرقُ بين طريق بعلبك وجلالي سهل البقاع؟
(الأربعاء 28 تموز 2004)

كيف نفسّر للسائح الآتي الى اكتشاف هياكل بعلبك، أو للمواطن المتّجه الى حضور ليالي مهرجانات بعلبك، أن تكون طريق بعلبك الدولية، من ضهر البيدر وشتورة، سائبةً كغابة، متروكة كدُغل، مهملةً كصحراء، والسيارات عليها مَحميَّةٌ بعون الله، وبشعارات “سارحة والرب راعيها”، أو “لا تُسرع يا بابا نَحن بانتظارِك” أو “لا تسرع فالْموت أسرع”، أو “على الله الاتّكال”.
كيف نفسِّر أن تصبح طريق العودة ليلاً من بعلبك سوداءَ مرتين: مرةً من العتمة، ومرّةً من غياب الخطوط البيضاء على الطريق مقابل حضور الأنوار الباهرة من سيارات الجهة المقابلة، ما يَجعل السير ليلاً على طريق بعلبك شتورة مغامرةً ليس الْموتُ سوى أقلِّ أخطارها؟
كيف نفسر أن تكون طريق ضهر البيدر بعلبك مليئةً بِمفاجآت الْحُفَر والْمطبات والأخاديد والتضاريس حتى لا يعودَ أيُّ فرقٍ بين السير على الطريق، والسير في أيِّ جلٍّ من جلالي سهل البقاع لا زفت عليه ولا طريق؟
وكيف نفسِّر للسياح أو للمواطنين أن تَخلو طريق بعلبك ضهر البيدر من رجال شرطة سير يضبطون سرعةَ سائق أرعن أو سيارةً منحرفة أو تَجاوزاً قد يتواقح حتى يكونَ قاتلاً بلا هوادة؟
وكيف نفسِّر أن تكونَ طريقُ بعلبك، الخطُّ الوحيدُ الى هياكل بعلبك التاريخية، والخطُّ الوحيدُ الى ليالي مهرجانات بعلبك، سائبةً من حضور الدولة وهيبة الدولة رجالاً وطرقاتٍ وإنارةً وتَخطيطاً مدينياً، حتى نشجِّعَ الْمواطنين على سياحتهم الداخلية أو الْمهرجانية، وحتى نشجِّعَ السياحَ على زيارة بعلبك التاريخية من دون شعورهم أنهم يجتازون صحراء البقاع لا سهل البقاع؟
ويا تعس دولةٍ تكون عندها ثروة اسمها بعلبك، ولا تهمل فقط صيانة هذا الكنْز التاريخي الأثري العظيم، بل تُهمل حتى الطريقَ إليه، مع أنّها لا تهمل طرقاتٍ أخرى تؤدي الى ازدهار المحسوبية والعشائرية والإقطاعية والزبائنية والمحادلية التي تؤدي الى تعزيز أصنام السياسة عندنا وتكريسِهم على رؤوس قطعانهم.