هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

117: حجارة بعلبك ينهشها العشب القاتل

الحلقة 117 – حجارة بعلبك ينهشها العشب القاتل
(الثلثاء 27 تموز 2004)

من المصادفات أن تكون حلقة اليوم الثلثاء، كحلقة الثلثاء الماضي، تتناول بعلبك في عظمتها التاريخية وصيانتها الكارثية.
قبل مشاهدتي مسرحية جورج شحادة “مهاجر بريسبان”، مساء السبت الماضي، جُلت في أرجاء الهياكل الضخمة الأعجوبية قبل أن تنسحب عن حيطانها وأعمدتها أشعة الشمس المتعبة.
وراعني أن يلفتني صديقي المرافق، وهو ابن بعلبك وجار الهياكل، الى تحتت فاجع بدأ يزداد في حجارة متآكلة، نبت بينها العشب الأخضر الذي يحمل الرطوبة الى الحجارة فنخرها التحتُّت.
ويعود ناشباً وصارخاً وجع السؤال: أين صيانة بعلبك من التآكل والتحتت؟
قبل فترة، لاحظ الخبراء أن نسبة التآكل في حجارة الأكروبول بلغت في السنوات الأخيرة 40% بسبب التلوث الكثيف يلف العاصمة اليونانية، فاستنجدت الحكومة بشركة ألمانية متخصصة طلت حجارة الأكروبول بمادة شفافة كالماء حصَّنت الحجارة وعزلتها عن التلوث فلا يضربها التآكل، وأنقذت الدولة بذلك كنْز الأكروبول، أحد أبرز مواردها السياحية على الإطلاق.
فماذا تفعل لبعلبكَّ دولتنا، هذه الدولة الأضرب “مرتا”، مهتمّة بشؤون كثيرة شخصية وتناحرية والمطلوب صيانة البشر والحجر في وطن يهُجُّ منه البشر ولا حسيب، ويتآكل فيه الحجر ولا رقيب.
عن رئيس بلدية بعلبك الجديد، الصديق محسن الجمّال، أن رئيس وزراء إيطاليا يوم زار بعلبك قبل نحو عامين، مغتبطاً بصرح يعتبر أن لجدوده الرومان فضلاً فيه، قال أنْ لو كانت بعلبك في إيطاليا، لخفف مدخولها السياحي من وطأة الضرائب مدخولاً لخزينة الدولة.
وقبل نحوِ 80 عاماً، كان جورج برناردشو عام 1926 قال الكلام نفسه عن بريطانيا.
ها هي بريطانيا وإيطاليا تتمنيان بعلبك عندهما لتزيد مواردُهما وتخفَّ الضرائب، وها دولتنا الشوساء تهمل بعلبك وتهتم بزيادة الضرائب على الرغيف والبنْزين، وتبشرنا دائماً بالسهر على مصلحة المواطنين، تماماً كتلك العاهرة التي لا يطيب لسانُها، إلاّ حين تتحدّث في فضائل العفاف.