هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

112: شبابنا وصبايانا: الخلويّ بيَد وعلبة الدخّان بالأخرى

الحلقة 112: شبابنا وصبايانا: الْخَلَويّ بِيَد، وعلبةُ الدُّخان باليَدِ الأُخرى
(الثلثاء 20 تموز 2004)

ظاهرةُ مقاطعة الْخَلَوي أَضاءت على ظاهرةٍ أُخرى في شعبنا مرضيَّةٍ مصدرُها نماذج من شبابنا الْمخروعين اللامسؤولين. فمساء نَهارِ الْمقاطعة، الْخميس الْماضي، أجرت إحدى مَحطات التلفزيون استفتاءً مع عدد من الشبّان حول الْمقاطعة، فقال أحدُهم إنه لَم يسمع بالْموضوع – وارتسَمت على شفتيه ابتسامة لئيمةٌ بلهاءٌ -، وقال آخر إنه لم يقفل جهازه لأنه لا يستطيع أن يقفل جهازه فلربَما اتصل به أصحابه، وقال آخر إن الأمر لا يعنيه ولا يريد أن يقاطع لأنه لا يستطيع أن يستغني عن الْخَلَوي، قالها وشعرُه منبوش منتصب يلمع برطلين من الزيوت والْجِل، ووجهه يحمل سكسوكةً فيها من البلَه والبطَر والعهر اللامسؤول ما يُقرف الناظر إليه، وقال آخر إنه ترك جهازه مفتوحاً فقط كي يهاتف صديقته، الى آخر هذه النماذج السخيفة من شبابنا الْمخروعين اللامسؤولين.
وما كنتُ لأُعَمِّمَ هذه النماذج من شبابنا لو لم أعاين كثيراً منهم في الْجامعات، حيث أتردد غالباً لِمحاضرةٍ أو موعد، وأرى واحدهم يَحمل جهازَ الْخَلَوي بِيَدٍ وباليد الأُخرى علبة الدخان، لا كتابَ في يده ولا دفتر، وهو داخل الى الْجامعة أو خارج منها أو مُجتمع الى زملائه في حرمها، هذا عدا منظرِه الذي يتراوح بين شعره الْمربوط أو الْمنبوش أو الْمنفوش ولِحيتِهِ الْمتروكةِ موضةً أو الْمقصوصةِ موديلاً يزيد من كاريكاتورية شكله.
ولا أستثني من الْجامعات صبايانا اللواتي لسن أفضل من شبابنا، بواحدة تنفخ سيجارتها في الْهواء برعونةٍ وغباء، وأُخرى تبرز مفاتن كتفيها وبطنها، وأخرى ملوَّنٌ شعرُها بلون هجين، أو بِخصلاتٍ بشعةٍ كل خصلة بلون لأن الْموضة هكذا، ولا تنسى العلكة التي تزيدها رعونةً وسخافة.
طبعاً لا أُعمّم. ففي جامعاتنا شباب وصبايا رصينون لم ينخرعوا بالْخَلَوي ولا بالتشاوف ولا بالْموضة، وعلى هؤلاء نعوّل كي نسلّم مقادير الوطن، لا الى أُولئك الـيفتقدونَ أبسطَ قيمِ السلوكِ الْمدني، لأنهم يعيشون من دون رادع في البيت ولا في الْمدرسة ولا في الْجامعة ولا في الدولة.
ويا تعْسَ بلَدٍ لا يضبُطُ جيلَه الْجديدَ بيتٌ ولا مدرسةٌ ولا جامعةٌ ولا… دولة.