هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

102: عندهم من صحراء إلى عمران وعندنا من جنة إلى صحراء

الحلقة 102: عندهم من صحراء الى عمران وعندنا من جنة الى صحراء
(الثلثاء 6 تموز 2003)

خلال مؤتمر الاستثمار ورجال الأعمال، قبل أيام في بيروت، كانت مداخلات لكبار المسؤولين من دول عدة، عن تجارب بلدانهم وتطورها الى الأفضل، فلفتت مداخلتان: الأولى لحاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، والأُخرى لرئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد.
حاكم دبي قال إن الذي بلغتْه دبي اليوم عائد الى عنصرين: بُعد الرؤية وحسن الإدارة. رئيس وزراء ماليزيا قال إن الذي بلغته بلاده اليوم، عائد الى عنصرين: أخلاقيات العمل والانضباط.
هنا نحن إذن أمام معادلتين: دبي، بفضل الرؤية والإدارة انتقلت من صحراء متفرقة السكان، الى حالة عمرانية تضيق بسكانها أصليين وخارجيين من مستثمرين وموظفين وإعلاميين ورجال أعمال، وازدهر اقتصادها بالمشاريع الكبرى، وماليزيا، بفضل أخلاقيات العمل والانضباط، انتقلت من بلاد نامية ضئيلة الفعالية الى بلاد متطورة صناعياً وسياحياً حتى غدت مقصد السياح والصناعيين ورجال الأعمال فازدهر اقتصادها بالمشاريع الكبرى.
مثالان لتجربتين رواها مسؤولان على أرض لبنان. فهلا اتّعظ المسؤولون في لبنان وطبقوا الحزم في لبنان الحضارة والإشعاع والنور والأبجدية الأولى وقمم الإبداع في التاريخ القديم والوسيط والحديث، لبنان الجنة الطبيعية التي حباها الله مواطنين لم يقدّروها، ومسؤولين لم يرعَوها فتحوّلت من جنة ساحرة الى صحراء من الفوضى والفساد والغرق في اقتصاد مكسورٍ ودينٍ وخدمة دين وحزازات سياسية ضيقة صغيرة تافهة هدامةٍ كلَّ مستقبل وكلَّ جيل لبناني طَموح؟
أين نحن، في لبنان الجنة، من عناصر دبي وماليزيا التي صنعت دبي وماليزيا، أي: أين نحن من الرؤية لدى الحكام، والإرادة لدى المسؤولين وأخلاقيات العمل لدى السياسيين، والانضباط تفرضه على المواطنين دولةٌ ذاتُ هيبة؟
نحن شعب يغتال سياسيوه جيله الجديد لأنهم يفتقدون الرؤية والإرادة والإدارة وأخلاقيات التخطيط والانضباط في حزم الدولة لبناء وطن جديد ومواطن سعيد. ومن الآن حتى يعي المسؤولون عندنا مسؤولياتهم، نخشى أن نتحوّل من قولنا عن لبنان “جنات عَ مد النظر” الى قولنا متباكين مع الأمير عبدالله الصغير: “لبنان يا صحراء عَ مد النّظر”.