هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

69: غسيل السيارات الخاصة على الطرقات العامة

الحلقة 69 – غسيل السيارات الْخاصة على الطرقات العامة
(الخميس 20 أيار 2004)

ذات يوم، وأنا في الْمنأى الْمؤقت على بُحيرة الليمون في فلوريدا، خلال إقامتي ست سنواتٍ في الولايات الْمتحدة، حلا لي أن أُنظِّف سيارتي أمام بيتي الْمستعار هناك، ففتحتُ أبوابها استعداداً، وإذا بالبوليس يتوقّف فجأةً أمام مدخل البيت، يؤدي لي تحيةً مهذبة، ويستدرك: “أنبِّهُكَ الى أنك تستطيع تنظيف سيارتك كما تشاء، إلاّ باستخدام الْمياه عليها، لأنها ستسيل على الشارع العام. وهذا ممنوع”. شكرتُهُ على ملاحظته الْمهذَّبة، وارعويتُ عن غسل سيارتي فأخذتُها الى الْمغسَل.
رويتُ هذه الْحادثة لأُقابل بين ما حصل لي في أميركا ذات يوم، وما نشهد هنا كل يوم من مواطنين مواطنين شاوس يغسلون سياراتهم أمام باب البيت، أو أمام باب الْمحل، أو على الرصيف قدّام البيت أو الْمحل، ويتركون الْماء يسيل على الطريق العام ممزوجاً بالصابون، بكل ما يسبب هذا الوسخ من قرفٍ في الْْمنظر، وخطرِ انزلاق الْمارّة الْمُشاة، وخطر حوادث الاصطدام بانزلاق السيارات على الْماء والصابون. وغالباً ما تَمتد الْمياه الوسخة السائبة مئات الأمتار بعيداً على الطريق إذا صادفت منحدراً في الطريق.
وصدف لي أن رأيت مراتٍ مزاريب تصريف مياه البيوت مُحَوّلة على الشارع العام، وكلما حلا للمدام أو خادمة الْمَدام أن تشطف البيت، صبّت مياهُ الشطف كلُّها على الطريق العام. والأمر نفسه في حالات أُخرى تنصرف فيها الْمياه الوسخة على الطرقات العامة، ولا حسيب ولا رقيب ولا رادع.
لا أعرف مَن الْمسؤول عن معاقبة هذا الأمر: شرطةُ السير، أم شرطةُ البلدية، أم أيّةُ هيئةٍ رسمية أخرى، لكنّه دليلُ تَخَلُّفٍ لا يشبهنا، ودليلُ فوضى كم تشبهنا لأن مواطنينا، من غير شر، اعتادوا على مزاولة الفوضى وليس من يُحاسبُهم.
أيضاً ونكرر: هيبةُ الدولة لا تكون بِخطابات السياسيين، بل بالقسوة في تطبيق القانون.
وحدها القسوة تردع الْمواطنين عن جعل الطرقات العامة مَكبّات نُفايات، أو مَجاريرَ مفتوحة للمياه الوسخة من غسيل سياراتهم على ناصية الطريق.