هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

49: بين المقاصد وعينطورة، وبين العرفان والثلاثة أقمار

الحلقة 49: بين المقاصد وعينطورة، وبين العرفان والثلاثة أقمار
(الخميس 22 آذار 2004)

تحدّثتُ أمس عن بادرة الدرزي وليد بتديني بتقديم حجارة بيته لبناء كنيسة كفرنبرخ، رمزاً للعيش الواحد في قلب الشوف الْحبيب، صدر جبل لبنان.
وهذه اليوم بادرةٌ ثانية: قبل أسابيع، التأَمت ندوة “حوار الاثنين” بتنسيق نهاد الشمالي، مع فريق بيروتي بتنسيق الصديق الكبير محمد السمّاك، فنظّمت رحلةً لتلامذة الْمقاصد في بيروت الى معهد عينطورة في كسروان، وأعقبتها زيارة معاكسة من تلامذة عينطورة الى ثانوية الْمقاصد.
ويروي محمد السماك عن تعابيرِ حب وحنانٍ وغبطةٍ في عيون أولئك التلامذة، مقاصدييهم وعينطورييهم، وهم يتلاقون ويعمّرون صداقات ويتبادلون العناوين وأرقام الهواتف، ويتحادثون ويكتشف بعضُهم بعضاً في فرح اللقاء، وفي سعادة من بات يعرف ماذا خلف السور المائي الذي بناه مناخٌ في لبنان شرذمَ لبنان أطيافاً وطوائف.
وفي التحضير حالياً رحلات وزيارات مماثلة لأبناء العائلة الروحية الواحدة، بين الثلاثة أقمار في بيروت وتلامذة مدرسة الْجمهور، ثم بين تلامذة الْمقاصد وتلامذة العاملية، ثم بين تلامذة مدارس العرفان ومدارس الْمقاصد وعينطورة والثلاثة أقمار والعاملية.
وأنا أزف لكم هذا الخبر، أكاد أشعر بدمعة تطفر من عينيّ، لا تأَثُّراً من الْخبر، بل فرحاً بأن في لبنان أولاداً ينشأُون على العيش الواحد، لا العيش الْمشترك ولا التعايش بين شعبين أو فئتين أو عائلتين، بل على العيش الواحد بين أفراد العائلات الروحية اللبنانية.
وحده هذا التبادلُ يؤدي الى اللُحمة التي، حين تترسَّخ في نفوس أبنائنا، يصبحون قوةً واحدة متراصَّةً واعية، ولن يستطيعَ لاحقاً أيُّ ثعلبٍ أو مُفتِنٍ أو دخيل أن يُشعل في صفوف شعبنا دخان حرب جديدة، لأن شعبنا سيكون واحداً في مواجهة الريح، من أنى أتت هذه الريح.
كل هذا، شرط ألاّ يتسيّس أبناؤنا في زواريب الْحرتقات الصغيرة، فيعودوا وقوداً في مَحطبة السياسيين، يشعلونهم ساعة يشاؤون ويُغرقونهم بشعاراتٍ قناعُها وطني، ووجهُها الْحقيقي مصلحجي عشائري إقطاعي، فيعود أولادنا ضحايا سياسيين لا يمكن أن يستمروا إلاّ إذا أشعلوا أولادنا وقوداً لسياساتهم.
نهاد الشمالي ومحمد السماك، عجِّلا بهذه الرحلات الْمتبادلة بين أبناء لبنان وأبناء لبنان، كي يصبحَ إيماناً معيوشاً قولُهم: “كلنا للوطن… للعلى للعلَم”.