هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

40: كي لا تنوح جميع أمهات لبنان: “واحبيبي… واحبيبي”

الحلقة 40: كي لا تنوح جميع أمهات لبنان: “واحبيبي… واحبيبي”
(الجمعة 8 نيسان 2004)

من أصعب أسابيع الآلام: هذا الأُسبوعُ في لبنان، ناحت فيه أكثرُ من أمِّ على ولدها الذي لم يصلبه اليهود، فصلبَهُ الفلتان على طرقات لبنان.
وما جدوى أن تنوحَ اليوم أمٌّ فوق جثة ولدها، وينكسرَ قلبُ والدٍ على ولدِه القتيل، وغداً مهدَّدٌ أبٌ آخرُ وأُمٌّ أخرى بالبكاء على ولدٍ لَهما سيموت بِحادث سير، طالَما يستمرٌّ هذا الفلتان على طرقات لبنان.
وما جدوى كلِّ ما يَجري من توعية على سلامة السير في ندوات ومؤتَمرات وحلقات ومُحاضرات، طالَما يستمرٌّ هذا الفلتان على طرقات لبنان.
وما جدوى إشاراتِ تَحديد السرعة، وحملات التوعية على السرعة ووضع حزام الأمان وعدم الْمهاتفة بالْخلَوي، وتَهديد الدولة بوضعها أجهزة الرادار، طالَما لا رادعَ يردع ولا ضابطَ يضبط ولا رقيبَ يراقب، وطالَما يستمرٌّ هذا الفلتان على طرقات لبنان.
وما جدوى قولِنا إن شبابَنا الذين يَموتون على طرقات لبنان، لا يَموتون بالظروف نفسها في بلدان العالَم، لأنهم في بلدان العالَم يرتدعون عن السرعة القاتلة، خوفاً من هيبة الدولة الْموجودة في كل مكان على الطرقات، عكسَ ما عندنا هنا حيث يستمرٌّ هذا الفلتان على طرقات لبنان.
هيبة الدولة!!! هذه هي النقطة الأساسية. الأمن مَمسوكٌ ومستتبّ؟ صحيح. تقع جريْمة فيلقى القبض على الفاعلين في أقل من 24 ساعة؟ صحيح. والتحية لرجالنا في الْجيش والْمَباحث والأمن والدرك.
ولكنّ كلَّ هذا لا يَمنعُ من أنَّ أولادنا لا يزالون يَموتون بِحوادث السير، لسبب واحدٍ ووحيد: التسيُّبُ والفلتان على طرقات لبنان.
شبابنا الطائشون الْهُوج، لن يردَعَهم تنبيهُ والدٍ، ولا تضرُّعُ أُمٍّ، ولا تَحذيرُ الدولة من السرعة، طالَما أنهم لا يَخافون العقاب. والعقاب لا يكون إلاّ بالْحزم والْحسم والقسوة في تطبيق النظام: بِحجز السيارة، بِحجز رخصة القيادة، بِمحضر ضبطٍ ذي مبلغٍ موجع، بتوقيفٍ ليوم أو يومين، أو بأية معالَجة لن يعصى على الدولة إيْجادُها، لردع أولادنا عن الطيش والتهوُّر. فوحده العقاب القاسي يردعهم عن موت مَجاني يسبِّبُه استمرارُ هذا الفلتان على طرقات لبنان.
فيا دولتَنا التي تسعى بكل إخلاصٍ الى فرض القانون، سألْناكِ، باسم نَحيب الأمهات الثكالى وإجهاش الآباء الْمصدومين، سألْناكِ أن تكوني دولةً قاسيةً حازمةً، حاسِمةً في تطبيق القانون، قبل أن يَجيء يومٌ تنوح فيه كلُّ أمٍّ في لبنان: “واحبيبي، واحبيبي، أَيُّ حالٍ أنت فيه”.