هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

33: سيّدة القصر بقلم سيّد الكاميرا

الحلقة 33 : سيّدة القصر بقلم سيّد الكاميرا
(الأربعاء 31 آذار 2004)

في حلقة أمس الثلثاء، وفي كلامي على دخول المرأةِ العملَ البلديَّ مقدِّمةً لدخولها المجلس النيابيّ أو الحكومة، ختمتُ بكلامي على ضرورةِ أن تستعيد المرأة اللبنانية مجداً عرفه لبنان في غير حقبة من تاريخه.
وكان في بالي، وأنا أقول هذا، سيدات لبنانيات رائدات، بينهنّ الست نظيرة جنبلاط.
وحين كتبتُ تلك الحلقة، لم أكن، بعدُ، شاهدْتُ فيلم “سيدة القصر” الذي حققه سمير حبشي بتأَنٍّ دقيق واحترافيةٍ عالية ومهنيةٍ خبيرة، تجعله لا مجردَ فيلمٍ وثائقيٍ طويل وحسْب، بل جديراً بعرضه كأيِّ فيلم روائي بيوغرافي نشاهده، عن أعلامٍ سطعوا في تاريخ الدول والبلدان.
فرغم ضآلة المادة التوثيقية أمامه، تمكّن مخرجنا السينمائي الشاب سمير حبشي من توليف شريطٍ بارع المونتاج، أمينٍ لنصٍّ عابقٍ بالشَّاعرية والعاطفة ومتانة الإيجاز، كتبه الزميل الإعلامي جورج غانم، الذي بات خبيراً في الكتابة للكاميرا، بعباراتٍ قصيرة شديدةِ البلاغة المشهدية، وسجَّله بصوته الإذاعي العريق جهاد الأطرش الذي بات بقراءته السليمة خبيراً بإيصال الكلمة مشهدياً.
وإذا الذي، على ضآلته، توفَّر لجورج غانم وسمير حبشي، شكَّل مادة أولية تترجمها الكاميرا، وتسعفها لقطات من معاصرين وشهود، فموسيقى شربل روحانا أمّنت جواً مناسباً وسائغاً لمجمل الفيلم، رفده تقطيعُ سيناريو ذكيٌّ ورشيقٌ من المخرج الذي كرّس حضوره، منذ باكورته “الإعصار”، طليعياً في سينمانا اللبنانية الجديدة.
اليوم، وهويةُ لبنان تشهدُ محاولاتِ طمسٍ مشبوهةً لتراثنا التاريخي والحضاري والغنائي والسياسي، ما أحوجَنا الى السينما، إحدى أفعل الوسائل الجماهيرية، في نقل صورة مضيئةٍ لأعلامنا اللبنانيين، كما كتب سمير حبشي بكاميراه فيلم “سيدة القصر”، معيداً الى ذاكرتنا أيام الست نسب وابنها فخر الدين، وحاسراً لأجيالنا الجديدة عن أميرة لبنانية من الجبل، وسَّعت الجبلَ الى كل لبنان، فكانت يومها لا سيدة قصر المختارة، بل سيدةَ قصور لبنان: الست نظيرة جنبلاط.