هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

550: حماسة وتصويت؟ “نعم” لمغارة جعيتا

حماسة وتصويت؟ “نعم” لمغارة جعيتا
السبت 7 حزيران 2008
– 550 –
ما دام العصر اليوم – اللبنانيُّ خصوصاً – عصر تصويت لمسابقات تنافسية (غالباً خفيفة)، ولبرامج تلفزيونية (غالباً سخيفة)، وعصر حماسة لـ”مبارزات” سياسية (غالباً مُخيفة) فلماذا لا ندخل العصر العالمي بما بات اليوم من بداهات الظواهر؟
حين أعلنت وسائل الإعلام، قبل أشهر، فوز سبعٍ جديدة لـ”عجائب الدنيا”، كنا غير متحمسين للأمر، معتبرين أن هذا الـ”فوز” حصيلة “تصويت” شعبي بعيدٍ عن “علمية” مواقع تَختارها منظمة الأونسكو أثرية وتضعها “على لائحة التراث العالمي”، وفقاً لمعايير ومقاييس أكاديمية قلناها جدّيّة ولا يليق اعتبار سواها إرثاً طبيعياً من المستوى نفسه.
وحين صدرت “السبع العجائب” الجديدة، كانت صدمتنا لافتة أن تغيب روعة كبعلبك أو كمغارة جعيتا عن تصويت قد يجعلها (وتالياً يجعل لبنان) على الخارطة العالمية للتراث الطبيعي وما فيه من روائع الطبيعة. ولدى سؤالنا، كان الجواب أن لبنان، لانشغاله بـ”معارك بيت بو سياسة”، لم يتبلّغ بالمسابقة في حينه فلم يبادر إلى طرح بعلبك أو مغارة جعيتا للتصويت.
وحين تم اختيار “السبع العجائب الأولى” (أهرامات الجيزة، تمثال هليوس في رودس، فنار الإسكندرية، ضريح هاليكارناسوس في اليونان، تمثال زوس في اليونان، معبد ديانا في أفسس تركيا، الحدائق المعلقة في العراق، وبرج بابل) لم يكن العالم يعرف عن مغارة جعيتا التي لم تكن ظهرت بعد.
أما اليوم، وانسياباً مع ظاهرة العصر لكل مسابقة أو مباراة أو برنامج تلفزيوني أو إلكتروني في العالم (التصويت)، ومع ظاهرة اللبنانيين الأولى في الاصطفاف السياسي (الحماسة)، ومع الشروع بالتصويت والحماسة لـ”سبع عجائب جديدة”، بات مشروعاً جداً أن “نطرح الصوت” على اللبنانيين في لبنان (بِملايينهم الأربعة) وعلى اللبنانيين في العالم (على الأقل ثلاثة أضعاف المقيمين) وعلى أصدقاء اللبنانيين في الدول العربية والعالمية (لا تَحصرهم أضعاف) كي يبادروا إلى التصويت إلكترونياً لمغارة جعيتا في موقع “عجائب الدنيا السبع” (www.new7wonders.com) لا لِمغارة جعيتا وحسب (فهي لوحدها أعجوبة الأعاجيب في منحوتات طبيعية فريدة من نوعها في الدنيا، ولا تأتيها يدٌ غير يد الذي جلّ جلاله)، بل للبنان الذي هو اليوم في حاجة إلى ارتقائه من جديد خارطةَ العالم السياحي والجمالي والطبيعي، بعدما اختنق طوال عقود بدخان السياسة التي كان تَجرُّ عليه الويلات العسكرية والأمنية والاجتماعية ومآسي الاستشهاد وفواجع الدمار.
إن العجائب البشرية في لبنان (وفي طليعتها رائعتنا الخالدة بعلبك أعجوبة الفن المعماري ولغزه الأكبر منذ عصور) والعجائب الطبيعية (وفي طليعتها مغارة جعيتا التي، بعد انبراء نبيل حداد، مدير شركة “ماباس” مستثمرة الموقع سياحياً، إلى زيادة أناقتها الخارجية، باتت جنةً فريدةً من داخل ومن خارج)، هي التي تجعل لبنان، البشري الآثار والطبيعي المواقع، فريداً مغايراً مُميَّزاً بين دول المحيط، ما يفسّر الارتداد القوي إليه، سياحياً على الأخص، كلما ابتعدت عن شوارعه أشباح الخطر.
دُرْجة العصر اليوم: حماسةٌ فتصويت؟ فليكن. ولماذا نبقى خارج العصر فنشيح؟ ألا فلنهرع، جميعنا فلنهرع، إلى التصويت الإلكتروني لمغارة جعيتا، فتتكامل الصورة عن لبنان تدريجاً بإشراقها الثقافي والطبيعي والجمالي.
ومن “بيروت 2009 عاصمة عالمية للكتاب”، و”بيروت 2009 عاصمة الدورة السادسة للألعاب الفرنكوفونية”، إلى نجاحنا في جعل “مغارة جعيتا من عجائب الدنيا السبع”، يا مرحى عندها بلبنان في العالَم، لؤلؤة المتوسط الرائعة الحبيبة الغالية التي نكون أسقطْنا عنها وحْلَ السياسة والسياسيين، وأَعَدْنا إليها ألق لبنان الذي حجمُه قَدّ القلب، لكن فعْل هذا القلب الإبداعي يغذّي شرايين العالم بأوكسيجين حضارة وإبداع وجمال، يَجعل العالم يستعيد قوله الواثق: “هذا هو لبنان الحقيقي”.