هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

481: … وقبل أن ينهدم البيت على أهل البيت

السبت 13 كانون الثاني 2007
– 481 –
لامني أصدقاء على “أزرار” الأسبوع الماضي (رقم 480: “قبل أن يتغيَّر وجه لبنان”) فرأى بعضُهم في كلامي تشاؤُماً (كقولي: “الهدف اليوم اغتيال الخصيصة اللبنانية المميزة في دول المنطقة”) ورأى فيه البعض الآخر مغالاة في “اللبنانية” (كقولي: “يا صداع اللبنانيين ويا انصداع هذا الشرق، إذا تغيَّر وجه لبنان”).
صحيح؟ وهل بعدُ ننتظر أكثر مما يحصل، كي نطلق صرخة الذعر والغضب والتنبيه على الخطر الذي يتهدَّد كيان لبنان؟
ومَن ننتظر، بعد، بين عباقرة المتاريس السياسية عندنا، كي نعوّل عليه أن يقودنا إلى الخلاص، هم الذين جعلوا الناس جميعاً (عدا أزلامهم ومَحاسيبهم المغسولي الدماغ) يكفُرون بهم وبتصاريحهم وحلولهم ومواقفهم ووجوههم في الـ”توك شو؟”
وهل بين المواطنين من لم يقرف بعدُ من هذا الجنون الذي يجري في بلدٍ مُحاصَر بِجَلاَّديه اليوضاسيين؟
كل واحد منهم يشدُّ إلى صوبه بالدستور والقانون ووثيقة الطائف والنظام البرلماني والديمقراطية والاتحاد الوطني والوحدة الوطنية، ويستخدمون التعابير إياها وكل واحد منهم يفسرها على طريقته ومن زاويته ومن موقعه السياسي المتراسي.
هذا الوطن المسكين الذي يتجاذبه كلٌّ من جهة حتى خطر انشلاعه وانشطاره وتوَزُّعِهِ أشلاء على غربان المنطقة، هل يدرك المتجاذبون أطرافَه أنهم سيصبحون بعده أطرافاً عند أسيادهم حين سيُمسون في وطن بلا وجهٍ ولا كيانٍ ولا أطراف؟
يدافعون جميعهم عن البيت؟ أيُّ بيتٍ سيبقى للموالاة والمعارضة إذا انهدم سقف البيت على جميع مَن في البيت؟
جميع هؤلاء القادة والزعماء والرؤساء، والوزراء المعتكفين والمستقيلين والمزاولين، والنواب الساكتين والمصرِّحين، وسائر ليستة العباقرة السياسيين، ماذا يبقى لهم من حصصهم الطامعين إليها في السفينة إذا غرقت بهم جميعهم السفينة؟
أيُّ شمشوم مُجرمٍ هذا الذي قرّر أن يهدُم الهيكل على جميع مَن فيه وهو يصرخ بشخصانية مجنونة: “عليَّ وعلى أعدائي يا رب”؟ ومَن أعداءُ مَن في هذا الوطنِ المعذَّبِ المصلوب شعبه على عناد سياسييه الشخصانيين؟
من هو هذا العبدُالله الصغير الذي انتهَت عند رعونته سيرةُ الأندلس ومعها سلالةُ بني الأحمر وراح يبكي الأندلس الضائعة منه، المنهارة أمامه، حتى بادرته أمه بكل قسوة: “إبكِ مثلَ النساء مُلْكاً لم تعرف أن تحافظ عليه مثلَ الرجال”؟
أإلى هذه النهاية الأندلسية المأساوية الفاجعية الكارثية التاريخية يريد بنو الأحمر الجُدد في لبنان أن يوصلوا لبنان؟
أإلى أن يقول العالم: “يا ضيعان لبنان، لم يعرف ساسته أن يحافظوا عليه فاقتتلوا كملوك الطوائف في الأندلس، وضاع لبنان كما ضاعت الأندلس، بسبب سياسييه المتوتِّرين الموتُورين الشخصانيين الهتلريين الهولاكيين الجنكيزخانيين”؟
وهل من الضروريِّ التذكيرُ دوماً بضَياع الأندلس وخراب فلسطين كي يرتدع أولياء الأمر من “بيت بو سياسة” في لبنان عن مواصلة هذا الجنون الذي سيوصلهم ويوصلنا إلى شفير ضياع لبنان؟ ألا يدركون أنّ العالم ينظر إلينا بحزن وشفقة، وإلى ساستنا بشماتة وتشَفٍّ، ويشك بجدارتهم في حكم لبنان وقيادة شعب لبنان وتسلُّم مستقبل لبنان وشباب لبنان وأهل لبنان؟
كيف يمكن أن يكون في لبنان من يريدون بناء دولة للجميع يشترك فيها الجميع، فيواجههم أبالسة الشر من يوضاسيّي الداخل وفريسيّي الخارج ليَحُولوا دون بناء دولة قوية، حكومتها تمثل الجميع فيكون بينهم حوار وعمل مشترك لاستعادة اقتصاد لبنان المنهار، ولاستعادة ثقة العالم ببنية لبنان المالية والتجارية والسياحية والمصرفية والاستثمارية، وفيها فجر عودة لبنان إلى لبنان؟
فلنهرع قبل أن يتغيَّر وجه لبنان؟ بل أكثر: فلنهرع اليوم قبل الغد، لأن وطناً يتغيَّر وجهه لا يعود لأهله وجهٌ في العالم فيتشرَّدون على أرصفة الدول بدون وطن ولا بيت، ومن هنا نداؤُنا الغاضب إلى السياسيين الطرواديين كي يرعَوُوا عن تَجاذُب البيت قبل أن ينهدم على جميع مَن في البيت.